شعب سونغاي في مملكته الأولي.. الهجرة من دندي أسبق بلاد الهوسا إلي ميدان الحضارة والعمران ، لوقوعها علي طريق القوافل بين تمبكتو وغاو وبين برنو ومصر

كان شعب سنغاي في مملكته الأولي وثنيا ، تكون في بدايات تاريخه حول نهر النيجر من ثلاث مجموعات متناحرة، هي: سركو sorko أي صيادو السمك، وغوي GWAI وهم القناصون، والفري ALFARAI وهم المزارعون، ويطلق عليهم – ايضا – غاب غوي كي GABI GOY KAI أي الايدي العاملة أو الممتهنون للمهن التي تحتاج غلي قوة بدنية، اختصر هذا التركيب إلي غاب بمعني القوة، ثم حرفت دلالته في عهد الاحتلال المغربي إلي "غا ، ب" كلمتين: "غا" بمعني الجسد، و "ب" بمعني الأسود، في لهجة تنبكتو السنغية للتمييز بين ذوي البشرة السوداء من السكان الأصليين وبين المجموعة المغربية.

وقد تبادلت هذه الجماعات الثلاث السيادة في كوكيا العاصمة الأولي قبل الميلاد، وكانت مشهورة ومزدهرة في عام 300م، توحدت بعد أن انضمت هجرة أخري من شرق إفريقيا إلي دندي (شمال ووسط جمهورية بينين حاليا) وكان حاضرتها مدينة جوغو، ولايبعد أن يكون من هذه المدينة – أيضا – سكان جزيرة "زوغو أو زوغوا" الغربية علي نهر النيجر، التي يذكرها بعض المصادر العربية الاولي في مدن غانه، ولايعبر الناس إليها إلا في القوارب، علي عادة الهجرات البشرية في تسمية مواطنهم الجديدة بأسماء مواطنهم الأصلية، وهذا قد يفسر – من ناحية – تعدد مواقع بعض المدن في بعض المصادر التاريخية القديمة كـ (كوكو، وتكرور، وسلي، حتي قال أحد الباحثين عن كوكيا: (ولايعرف موقعها بالضبط، وإنما يمكن أن يقال إنها تقع في المنطقة الشمالية الغربية من حدود نيجيريا الحاليا)، وقد تقدم أنها تقع جنوب مدينة غاو بحوالي 150 كيلو مترا، وتعرف – الآن- ببنتيا.

انتقل سلطان سنغاي إليها بعد توحد الجماعات الثلاث وقتل السمكة الآلهة التي كانوا يعبدونها، في الجزيرة التي كان يقدم لها فيها القرابين ، ولاتزال باسمها: تورو (بضمتين ممالتين) غونغو TORO GOUNGO  وينطق – أيضا – بـ تورا غنغو TORA GOUNGO وتقع جنوب مدينة غاو، وإليها ينسب اسكيا محمد، فيقال: توري  TORI إذ فيها ولد، وعاش قبل الانتقال إلي العاصمة.  

وعلي هذه الهجرة الأخيرة من دندي إلي كوكبا يحمل قول أغلب المؤرخين بأن سونغاي هاجرت من دندي، إذ من عهدها توحدت جماعاتته تحت سلطة واحدة، وإلا فلا يخفي أن السوركو والغوي أسبق بسبب مايقتضيها عملهما – صيد السمك والصيد البري – من التنقل إلي مسافات بعيدة، ومن استكشاف مناطق غير معهودة لزيادة الصيد.

وليس دندي المنطقة التاريخية لسكني شعب سنغاي التي ارتبطت به، بدليل أن مدينة (كبي KEBI إحدي  المدن القديمة بشمال نيجيريا سميت باسم أول من سكنها، وكان من أهل سنغاي ، وزوجته من أهل كاشنه)، وهي أسبق بلاد الهوسا – كما يقول أحمد بابا التنبكتي – إلي ميدان الحضارة والعمران، لوقوعها علي طريق القوافل بين تنبكتو وغاو وبين برنو ومصر، صارت هي وبرنو وزكزك بلادا إسلامية في القرن الخامس الهجري بعد أن كان الإسلام قد انتشر فيها طوعا بالتدرج قبل ذلك بزمن بلا غزو ولا استيلاء، ولهذا لايبدو من الدقة القول بأن الإسلام لم يدخل ولاية كاشنه إلا في القرن الخامس عشر الميلادي وبفضل بعثة تبشيرية من مصر، لأن هذا القول يتناقض وأسبقيتها تاريخيا، وكونها أولي إمبراطوريات الهوسا، ومركزا تجاريا عل يطريق القوافل بين منطقتين للإسلام فيهما حضور وظهور قبل هذا التاريخ.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال