العولمة كما تظهر اليوم توظف كل ما لديها من قوة مادية ناعمة، وقوة معرفية وعلمية، وقوة تقنية فائضة، وقدرة عسكرية فائقة، و... لفرض ثقافتها، ورؤيتها على الآخر... ما يثبت أن هناك تحديات كثيرة على ثقافتنا، وثقافات الشعوب، والمجتمعات، والدول... وهي تشي بأن ثقافة العولمة لا تهدد فقط هذه الثقافات؛ وإنما تهدد وجود كيان الدول والأمم، لأنها تنزع عنها خصائصها الثقافية وتجعلها تابعة لثقافة مركزية واحدة تقودها إدارة واحدة.
وعلى المثقفين والعلماء والكتاب والمفكرين و.. أن يفكروا في ذلك كله ويبحثوا بوعي وتصميم عن الأساليب الناجعة لتحقيق ثقافة موضوعية خيّرة؛ دون أن يقنطوا، أو أن يتخلوا عن ثقافتهم الوطنية بكل ما تتضمنه من تأكيد الهوية الخاصة للانتماء، والتاريخ والتراث و... شرط ألا يقعوا في حالة الاستلاب والدهشة من ثقافة العولمة وتقدمها، أو من بعض جوانبها الإيجابية؛ فالعولمة بحد ذاتها ليست كلها شراً، ولا يمكن أن تكون برمتها ثقافة شيطانية، على الأقل في جوانبها المادية، التي توظف تبعاً لمن يمتلكها... ولهذا على الجميع أن يفطنوا لأساليب الحوار الملتوية والخادعة، ولا سيما حين تنطلق من مشكاة شعارات براقة، تخدع الناس بزينتها وبهرجها بيد أنها لا تنطوي إلا على سعي حثيث لهيمنة أصحابها وتصوراتهم وأساليبهم على الطرف الآخر... وليست شعارات إشاعة الحرية والديمقراطية في الشرق الأوسط عنا ببعيدة... فقد سعت الإدارات الأمريكية المتتابعة إلى فرض رؤيتها للحرية والديمقراطية على الوطن العربي، ظناً منها أن الغرب أكثر حضارة وتقدماً من الآخر، فقد أرادت له أن يتخلى عن كل ما يملكه من ثقافة وتراث وقيم... وكل ذلك يعني سيطرة ثقافة على أخرى؛ وهذا ينتج انتفاء العدالة والقيم الإنسانية النبيلة التي تحقق جوهر الوجود الإنساني الكريم. فكل مثاقفة لا توافق الحق إنما هي مثاقفة ظالمة ومستبدة و... مذكّرين بأنه لا يجوز لطرف أن يستعمل امتلاكه للمعرفة المتقدمة، وقوة حجته في الحوار لانتزاع التنازل أو الإقرار من الطرف الآخر. وهذا ما حذر منه الرسول الكريم: (إنكم تختصمون إليَّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو مما أسمع منه، فمن قطعت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه، فإنما أقطع له به قطعة من النار).
فثقافة الحوار تستند إلى نظام خلقي راقٍ، يتجنب الضغط والإكراه والنفي والإلغاء؛ واستغلال القدرات والمهارات والمعارف... إذ لابد من احترام إنسانية الإنسان لقوله تعالى: (ولقد كرّمنا بني آدم( (الإسراء ـ 70).
ثم إن انتفاء خصوصية الأفراد والشعوب والدول اعتداء صريح على مبدأ التكيف والعدالة؛ ومن ثم انتفاء للقيم الحضارية الأصيلة فإذا كان بعض أنماط ثقافة العولمة يفرض غزواً ثقافياً من نوع ما، قد يصل إلى درجة الغلبة ثم السيطرة ـ وفق مفهوم الغالب والمغلوب ـ فإن قدرات ثقافة المقاومة الوطنية تستطيع أن تتصدى لذلك؛ علماً أن الثقافة العربية لم تكن ضعيفة في يوم من الأيام؛ إذ استطاعت أن تمتص لحظة الصَّدْمة الأولى للمحتلّ، ثم أخذت تعزز الصمود في وجهه، لتثور عليه من بعدُ، كما وجدناه في بلاد المغرب العربي ولاسيما الجزائر التي صمدت أمام التشويه والتحريف الداخلي وكذلك وقع في غير ما دولة عربية مثل لبنان والعراق ومصر... فالغزو الثقافي للعولمة، أو القهر الثقافي الذي نال من عدد من الثقافات... لما يملكه من تقنيات رفيعة ومتقدمة يتعذر عليه صهر الثقافة العربية لما تتصف به من حيوية وقدرة على المواجهة، تاريخياً وحاضراً ومستقبلاً... أما الضعف الثقافي العربي فإنما يتمثل بالقائمين على الثقافة والمؤسسات الثقافية والعلمية والتربوية والسياسية. ويتجسّد هذا في القرارات التي أخذت لتغيير المناهج تلبية لمتطلبات العولمة في بعض البلاد العربية، وهو أخطر ما تواجهه اليوم. فالعولمة السياسية أخذت تتدخل في العولمة الثقافية، وتفرض على العرب تغيير بعض مناهجهم، بحجة عدم العداء مع الآخر. لهذا شرع عدد من المسؤولين العرب نزع كل ما يتعلق بمصطلحات المقاومة والجهاد من الكتب المدرسية لمادة التربية الدينية وأمثالها. لقد نسي هؤلاء المسؤولون، وأقطاب سياسة العولمة ما يقوم به الصهاينة الذين يربون أبناءهم على كراهية العرب ووصفهم بأشنع الصفات، متناسين الكارثة التي سببها الصهاينة للشعب العربي عامة والفلسطيني خاصة، على الأقل ابتداء بنكبة (1948م) ونكسة (1967م) وانتهاء بالمذابح التي ارتكبها الجيش الصهيوني في لبنان (2006م) ثم في غزة (2008م). ولعل آخر ما تفتّقت عنه الذاكرة الصهيونية العنصرية أن (جدعون ساعر) وزير التعليم الصهيوني ألغى مصطلح (النكبة) من مناهج التعليم بوصف هذا المصطلح يذكر بالكارثة التي ارتكبها الصهاينة بحق الشعب الفلسطيني، فضلاً عن أن الوزير الصهيوني رأى فيه ما يشجّع على التطرف الفلسطيني، لأن إحياء يوم النكبة يثير مشاعره... لذا نشرت صحيفة معاريف الصهيونية في (28/7/2009م) ما انتهى إليه (ساعر) من أن الاحتفال بذلك اليوم خروج عن القانون الصهيوني، وسيفرض على كل مخالف لقرار الوزير عقوبة بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
فأي امتهان أبشع من هذا الانتهاك الصريح لحقوق الإنسان!!؟ إنه امتهان لحرية التعبير، واستخفاف بحرية الرأي؛ وازدراء بحرية المعتقد في دولة تزعم أنها دولة ديمقراطية. ومن ثم لا يسمع من الدوائر الغربية أي احتجاج عليه؛ فالنكبة التي سحقت شعباً بأكمله، لا قيمة لها ولا يجوز التذكير بها؛ والمجازر التي ارتكبتها عصابات القتل الصهيوني بحق الملايين من الشعب العرب لا توازي عند أرباب ثقافة العولمة وعند الصهاينة تلك المحرقة التي تعرض لها مئات معدودة من اليهود في ألمانيا إبان الحرب العالمية الثانية. فكل من ينكر المحرقة الصهيونية ـ في عرف الغَرْب ـ معادٍ للسامية، ويستحق أقسى العقوبة؛ أما من يشطب مصطلح النكبة من حياة الفلسطينيين والعرب فليس مجرماً!!!.
وعلى المثقفين والعلماء والكتاب والمفكرين و.. أن يفكروا في ذلك كله ويبحثوا بوعي وتصميم عن الأساليب الناجعة لتحقيق ثقافة موضوعية خيّرة؛ دون أن يقنطوا، أو أن يتخلوا عن ثقافتهم الوطنية بكل ما تتضمنه من تأكيد الهوية الخاصة للانتماء، والتاريخ والتراث و... شرط ألا يقعوا في حالة الاستلاب والدهشة من ثقافة العولمة وتقدمها، أو من بعض جوانبها الإيجابية؛ فالعولمة بحد ذاتها ليست كلها شراً، ولا يمكن أن تكون برمتها ثقافة شيطانية، على الأقل في جوانبها المادية، التي توظف تبعاً لمن يمتلكها... ولهذا على الجميع أن يفطنوا لأساليب الحوار الملتوية والخادعة، ولا سيما حين تنطلق من مشكاة شعارات براقة، تخدع الناس بزينتها وبهرجها بيد أنها لا تنطوي إلا على سعي حثيث لهيمنة أصحابها وتصوراتهم وأساليبهم على الطرف الآخر... وليست شعارات إشاعة الحرية والديمقراطية في الشرق الأوسط عنا ببعيدة... فقد سعت الإدارات الأمريكية المتتابعة إلى فرض رؤيتها للحرية والديمقراطية على الوطن العربي، ظناً منها أن الغرب أكثر حضارة وتقدماً من الآخر، فقد أرادت له أن يتخلى عن كل ما يملكه من ثقافة وتراث وقيم... وكل ذلك يعني سيطرة ثقافة على أخرى؛ وهذا ينتج انتفاء العدالة والقيم الإنسانية النبيلة التي تحقق جوهر الوجود الإنساني الكريم. فكل مثاقفة لا توافق الحق إنما هي مثاقفة ظالمة ومستبدة و... مذكّرين بأنه لا يجوز لطرف أن يستعمل امتلاكه للمعرفة المتقدمة، وقوة حجته في الحوار لانتزاع التنازل أو الإقرار من الطرف الآخر. وهذا ما حذر منه الرسول الكريم: (إنكم تختصمون إليَّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو مما أسمع منه، فمن قطعت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه، فإنما أقطع له به قطعة من النار).
فثقافة الحوار تستند إلى نظام خلقي راقٍ، يتجنب الضغط والإكراه والنفي والإلغاء؛ واستغلال القدرات والمهارات والمعارف... إذ لابد من احترام إنسانية الإنسان لقوله تعالى: (ولقد كرّمنا بني آدم( (الإسراء ـ 70).
ثم إن انتفاء خصوصية الأفراد والشعوب والدول اعتداء صريح على مبدأ التكيف والعدالة؛ ومن ثم انتفاء للقيم الحضارية الأصيلة فإذا كان بعض أنماط ثقافة العولمة يفرض غزواً ثقافياً من نوع ما، قد يصل إلى درجة الغلبة ثم السيطرة ـ وفق مفهوم الغالب والمغلوب ـ فإن قدرات ثقافة المقاومة الوطنية تستطيع أن تتصدى لذلك؛ علماً أن الثقافة العربية لم تكن ضعيفة في يوم من الأيام؛ إذ استطاعت أن تمتص لحظة الصَّدْمة الأولى للمحتلّ، ثم أخذت تعزز الصمود في وجهه، لتثور عليه من بعدُ، كما وجدناه في بلاد المغرب العربي ولاسيما الجزائر التي صمدت أمام التشويه والتحريف الداخلي وكذلك وقع في غير ما دولة عربية مثل لبنان والعراق ومصر... فالغزو الثقافي للعولمة، أو القهر الثقافي الذي نال من عدد من الثقافات... لما يملكه من تقنيات رفيعة ومتقدمة يتعذر عليه صهر الثقافة العربية لما تتصف به من حيوية وقدرة على المواجهة، تاريخياً وحاضراً ومستقبلاً... أما الضعف الثقافي العربي فإنما يتمثل بالقائمين على الثقافة والمؤسسات الثقافية والعلمية والتربوية والسياسية. ويتجسّد هذا في القرارات التي أخذت لتغيير المناهج تلبية لمتطلبات العولمة في بعض البلاد العربية، وهو أخطر ما تواجهه اليوم. فالعولمة السياسية أخذت تتدخل في العولمة الثقافية، وتفرض على العرب تغيير بعض مناهجهم، بحجة عدم العداء مع الآخر. لهذا شرع عدد من المسؤولين العرب نزع كل ما يتعلق بمصطلحات المقاومة والجهاد من الكتب المدرسية لمادة التربية الدينية وأمثالها. لقد نسي هؤلاء المسؤولون، وأقطاب سياسة العولمة ما يقوم به الصهاينة الذين يربون أبناءهم على كراهية العرب ووصفهم بأشنع الصفات، متناسين الكارثة التي سببها الصهاينة للشعب العربي عامة والفلسطيني خاصة، على الأقل ابتداء بنكبة (1948م) ونكسة (1967م) وانتهاء بالمذابح التي ارتكبها الجيش الصهيوني في لبنان (2006م) ثم في غزة (2008م). ولعل آخر ما تفتّقت عنه الذاكرة الصهيونية العنصرية أن (جدعون ساعر) وزير التعليم الصهيوني ألغى مصطلح (النكبة) من مناهج التعليم بوصف هذا المصطلح يذكر بالكارثة التي ارتكبها الصهاينة بحق الشعب الفلسطيني، فضلاً عن أن الوزير الصهيوني رأى فيه ما يشجّع على التطرف الفلسطيني، لأن إحياء يوم النكبة يثير مشاعره... لذا نشرت صحيفة معاريف الصهيونية في (28/7/2009م) ما انتهى إليه (ساعر) من أن الاحتفال بذلك اليوم خروج عن القانون الصهيوني، وسيفرض على كل مخالف لقرار الوزير عقوبة بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
فأي امتهان أبشع من هذا الانتهاك الصريح لحقوق الإنسان!!؟ إنه امتهان لحرية التعبير، واستخفاف بحرية الرأي؛ وازدراء بحرية المعتقد في دولة تزعم أنها دولة ديمقراطية. ومن ثم لا يسمع من الدوائر الغربية أي احتجاج عليه؛ فالنكبة التي سحقت شعباً بأكمله، لا قيمة لها ولا يجوز التذكير بها؛ والمجازر التي ارتكبتها عصابات القتل الصهيوني بحق الملايين من الشعب العرب لا توازي عند أرباب ثقافة العولمة وعند الصهاينة تلك المحرقة التي تعرض لها مئات معدودة من اليهود في ألمانيا إبان الحرب العالمية الثانية. فكل من ينكر المحرقة الصهيونية ـ في عرف الغَرْب ـ معادٍ للسامية، ويستحق أقسى العقوبة؛ أما من يشطب مصطلح النكبة من حياة الفلسطينيين والعرب فليس مجرماً!!!.
التسميات
عولمة