التحليل البديعي والبياني للمقامة الصفرية لبديع الزمان الهمذاني

التحليل البديعي والبياني للمقامة الصفرية:

المقامة الصُّفْرِيّة: نسبة إلى لون الدينار الأصفر، لأن موضوع المقامة يدور حوله.

رَجَلٌ من نِجارِ الصُّفرِ يدعو إلى الكفر

أي أن لديه ديناراً فهو يقصد بالرجل الدينار الأصفر، وهو معنى بسيط، إلا أن "الهمذاني" تكلف في التعبير عنه.

وقد أدَّبتْه الغُربة

يريد أن هذا الدينار في غير أهله، فهو غريب عند ذلك الفتى بمنزلة البعيد عن أوطانه الذي أدبته الغربة، وعلمته الحاجات فيها كيف يحسن معاملة الناس.

وقوله "أدبته الغربة" صورة من صور البيان فهي استعارة مكنية إذ جعل الغربة مؤدِّباً، لكنها متكلفة لأنها تجعل الغربة تؤدب الدينار.

فإن أجَبْتَ يَنْجُبُ منهما ولدٌ يعمُّ البِقاع والأسماع

هناك جناس بين أجبتَ ويُنجب.

والواقع أنه يقصد أنه يملك ديناراً ويريد أن يضم إليه ديناراً آخر، فإذا تحقق ذلك أنجب هذا الضم الحدم والثناء، وهو معنى بسيط تكلف الكاتب في التعبير عنه.

فإذا طويتَ هذا الرَّيْطَ، وثَنَيْتَ هذا الخيط، يكون قد سبقك إلى بلدك

الريط جمع ريطة وهي الملاءة أو الثوب اللين الرقيق، وثنيت الخيط يقصد الزمان، أي تعاقب مرور الأيام.

والمعنى فإذا طويت ليالي الغربة هذه ورجعت إلى بلدك تجد أن المدح والثناء سبقاك إليه.
والتكلف واضح هنا، لأن هذا الذي أتعب فيه "بديع الزمان" نفسه يمكن صياغته في جملة بسيطة فتقول:
إذا تصدقت فإن مدحك يكون على كل لسان.

المَجدُ يُخدَع باليد السفلى، ويدُ الكريم ورأيُه أعلى

هناك طباق بين السفلى وأعلى، وقوله "المجد يُخدع" فيه استعارة مكنية، والعبارة كلها كناية عن أن المجد يتحقق بالكرم.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال