إيران تجريف القدرة العسكرية العراقية.. انهيار مقومات الأمن الوطني العراقي وتحول الجيش العراقي إلى مليشيات ذات مرجعيات طائفية

تنتهج دول العالم مخططات واستراتيجيات أنية ووسيطة وبعيدة المدى لتامين منظومة الأمن الوطني والقومي لبلدانها , وتشكل قارب النجاة للشعب والدولة والأمة ضد التهديدات الخارجية والداخلية, ولتختلف مرتكزاتها بين دولة وأخرى, وتتبع معايير وقيم سياسية عسكرية أمنية ذات منحى سوقي ستراتيجي معضد بمفاهيم علمية ترصن آليات عمل القوات المسلحة, التي تطبق المخططات والستراتيجيات وسياسة الدولة, ناهيك عن قدرة الطبقة السياسية في تركيز منظومة القيم الوطنية الفاعلة عبر مشروع سياسي وطني رصين ومنظومة قوانين تضبط إيقاع هذا العمل كصمام أمان لديمومة الدولة وحماية المجتمع, لقد استهدف الجيش العراقي بشكل سادي ومخزي ومؤلم , ويفترض ان الشعوب تفتخر بجيوشها وما تحققه من نصر في حروب الدفاع عن حدودها السياسية وحماية ثرواتها وشعبها, ولكن الملفت للنظر ان تاريخ الجيش العراقي المشرف جعله يدخل دائرة الاستهداف السياسي الواسع لان خاسر الأمس هو الذي شكل الطبقة السياسية في العراق ويطوعها لسياسته , وسرعان ما تعرضت هذه المؤسسة العسكرية العريقة لكافة أنواع التدمير والاستنزاف لقدراتها البشرية والمعنوية والمادية, وكانت القوات المسلحة العراقية حجر الزاوية في منظومة الأمن الوطني العراقي والقومي العربي, ولها من القدرات والخبرة العسكرية تضعها في أولويات مرتكزات القوة الصلبة العربية.
نشهد اليوم انهيار مقومات الأمن الوطني العراقي, وباتت القوات المسلحة الحالية والمدمجة مليشياويا والمقسمة ولائها حزبيا جزء من المشكلة في المشهد العراقي كحال الطبقة السياسية الحالية, ويفترض أن الأمن القومي العراقي يخضع لاعتبارات أساسية تخص صفحتي الأمن والدفاع وتضع قوائم تهديدات حالية ومحتملة خارجية وداخلية, ويركز على التهديدات الخارجية التي تستهدف وحدة الأرض وسلامة وامن الشعب وصيانة الثروات والدفاع عن كيان الوطن بشكل كامل, ولوحظ هشاشة إستراتيجية الأمن القومي العراقية وخلوها من تبويب التهديدات الأجنبية والنفوذ الإقليمي, وتفتقر لسياسة الاحتواء والاحتواء المزدوج وإعادة التأهيل وترتيب المخاطر والتقييم , وتفتقر كذلك لمنظومة القيم الوطنية خصوصا منح الجنسية للأجانب بعد الغزو والارتباطات المخابراتية للطبقة السياسية الحالية وأولويات التهديد, وليمكن القفز على طبيعة تشكيل القوات المسلحة الحالية الذي تخضع لعقيدة الشركات الخاصة ذات الطابع الارتزاقي والمهام الشرطية لمكافحة ما يسمى (الارهاب) وكذلك نظام الدمج المليشياوي, وهؤلاء يشكلون قوات نظامية مجافية نائمة تنشط عند الحاجة وقد تنفذ أجندات غير وطنية, ويعتبر هذا تهديدا مركب داخلي وخارجي كونه يخرق منظومة القيم الوطنية ومفاهيم العقيدة العسكرية ومرتكزات الدفاع عن العراق, وبالتأكيد هذا انعكاس لحل القوات المسلحة العراقية وجرف قدراتها وخبراتها ونسف جميع المفاهيم والمنظومات القيمية, ليقف العراق اليوم عاجزا عن إزاحة قوة عسكرية معادية بعدد أصابع اليد بعد أن خاض حروب لم يفرط بشبر من الأراضي العراقية, بالتأكيد القوات المسلحة انعكاس للشعب وخادمة له وللوطن وتعمل لتحقيق إرادته الحرة وفق مشروع سياسي يطبق برنامج يستند على منظومة القيم الوطنية ويضع التهديدات الخارجية في أعلى أولوياته ويعد قوات مسلحة حرفية وطنية قادرة لمجابهة التهديدات وتحقيق الأمن والاستقرار للعراق وكذلك في المنطقة والعالم وهذا ليس صعبا إذا تمكنا من استعادة المبادرة الإستراتيجية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال