خصائص ثقافة الحوار.. الإيمان بالندية والمساواة في منزلة الطرفين والانفتاح على الآخر نفسيا وفكريا وموضوعيا وعدم وضع شروط مسبقة لمراجعة أي مسألة أو موضوع

إن تأصيل ثقافة الحوار مع الآخر تخلق حالة من التوافق بين الذات والآخر لتحقيق المنافع الخاصة والعامة للأطراف المتحاورة؛ وإن لم تبلغ مرتبة التطابق أو الاندماج. ولعل هذا يرسي بينها أجزاء غير قليلة من عملية التسامح، ومن ثم التعاون والتفاعل بدلاً من تأجيج حالات الكراهية والصراع.
فإذا كان مجتمعنا العربي والإسلامي يعاني اليوم من ازدياد الآثار الناجمة عن حالات العنف والقهر غير المشروع نتيجة استخدام القوى المعادية للقوة المفرطة مادياً ومعنوياً، تقنياً وعسكرياً؛ إعلامياً ومعرفياً، فإن هذا المجتمع أحوج ما يكون لتوظيف ثقافة الحوار لمنافعه وصالحه، ولاسيما أن تلك القوى الظالمة قد وصمت مقاومته المشروعة للاحتلال الصهيوني بالإرهاب...
لهذا لابدّ لنا من إبراز خصائص ثقافة الحوار؛ بوصفها مشروعاً عربياً وإسلامياً حضارياً في الفكر العربي المعاصر؛ إذ لم تكن في يوم ما طارئة عليه؛ أو مفروضة من الخارج على ثقافته، ومنها:
1ـ اعتراف كل طرف بالآخر.
2ـ احترام كل طرف للآخر، وعدم الوقوع في استخفاف أي منهما بالآخر في منزلته وثقافته، وجنسه ولونه و...
3ـ الإيمان بالندية والمساواة في منزلة الطرفين، إذ لا يجوز الانطلاق من العصبية والهوى، أو الهيمنة والتسلط... ومن ثم تنمية روح الإبداع، وتشجيع العناصر الشخصية الذاتية...
4ـ الانفتاح على الآخر نفسياً وفكرياً وموضوعياً، وعدم وضع شروط مسبقة لمراجعة أي مسألة أو موضوع؛ وعدم اللجوء إلى توظيف إمكانيات التفوق في الحديث لإثبات الذات على حساب الآخر...
5ـ إشاعة التفكير النقدي الحر، والمستند إلى العقل، وتنمية روح المبادرة، وتحمل المسؤولية، وتبني مناهج وتربية تلبي ذلك كله.
6ـ الوعي بالذات، هوية وكينونة؛ واعتماد الرغبة في الحوار، والثقة به في صميم تنمية الديمقراطية الواعية والإعلاء من منزلة الإرادة والمعرفة وتبني القيم الفاضلة للوصول إلى أهداف مشتركة تفيد الجميع... فالحوار بهذا المبدأ يحقق العدالة، ويبعده عن السقوط في الجدل العقيم غير المنتج... فالحوار ينبغي أن يقوم على نظام خلقي راقٍ على كل الصعد والمستويات للوصول إلى وظيفته وهدفه المرجوين.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال