السلطة والمعرفة:
ثمة ثورة تجتاح عالم ما بعد بيكون الحالي. وماكان بوسع أي عبقري في السابق (لاسن تسو ولاميكافيللي ولابيكون نفسه) أن يتخيل نفسه ما تشهده هذه الأيام من منحى عميق في تحول السلطة (Powershift) (*)، أي هذه الدرجة المذهلة التي أصبحت بها القوة والثروة تعتمدان على المعرفة حالياً.
أما اليوم فإنها تعتمد، اعتماداً يكاد يكون كلياً، على (العقل المجمد) - أي على المعرفة المحتواة في الأسلحة وتقنيات الرصد والاستطلاع. فالأسلحة الحديثة، من الأقمار الصناعية إلى الغواصات، مبنية الآن من مكونات إلكترونية غنية بالمعلومات.
أما طائرة اليوم المقاتلة فهي لاتعدو أن تكون حاسوباً طائراً.
بل وحتى الأسلحة (الصماء) يتم صنعها اليوم بمساعدة الحاسبات الفائقة الذكاء، أو الرقائق الإلكترونية.
العقل المجمد:
لقد كانت القوة العسكرية تتجسد أساساً، وحتى وقت ليس ببعيد، في بسط قبضة بلهاء.أما اليوم فإنها تعتمد، اعتماداً يكاد يكون كلياً، على (العقل المجمد) - أي على المعرفة المحتواة في الأسلحة وتقنيات الرصد والاستطلاع. فالأسلحة الحديثة، من الأقمار الصناعية إلى الغواصات، مبنية الآن من مكونات إلكترونية غنية بالمعلومات.
أما طائرة اليوم المقاتلة فهي لاتعدو أن تكون حاسوباً طائراً.
بل وحتى الأسلحة (الصماء) يتم صنعها اليوم بمساعدة الحاسبات الفائقة الذكاء، أو الرقائق الإلكترونية.
المعرفة المحوسبة:
والقوات المسلحة، على سبيل المثال لا الحصر، تستخدم معرفة محوسبة - (نظم الخبراء)- في الدفاع ضد الصواريخ.ونظراً لأن الصواريخ التي تقل سرعتها عن سرعة الصوت تقطع حوالي 1000 قدم في الثانية، كان لابد من إيجاد نظام دفاعي فعَّال قادر على التصرف – لنقل – في 10/1000 من الثانية.
بيد أن نظم الخبراء هذه قد تحوي من 10000 إلى 100000 قاعدة استنبطها اختصاصيون من البشر.
مليون استنتاج منطقي في الثانية:
ويتعين على الآلة الحاسبة ان تتفحص هذه القواعد وتزنها وتربط فيما بينها قبل أن تتوصل إلى قرار بشأن كيفية الرد على تهديد ما.لذا عمدت وكالة مشروعات أبحاث الدفاع المقدم في البنتاجون، كما جاء في مجلة (ديفنس سينس)، إلى وضع هدف بعيد المدى يتمثل في نظام قادر على إجراء مليون استنتاج منطقي في الثانية.
فالمنطق والاستنتاج ونظريات المعرفة – وباختصار، العمل الذهني، البشري منه والآلي – أصبح المتطلب الأساسي للقوة العسكرية في هذه الأيام.
التوجه المعلوماتي:
وبالمثل، بات من المألوف في عالم الأعمال القول بأن الثروة صارت تعتمد، بدرجة متزايدة، على العقل.فالاقتصاد المتقدم لم يكن ليتسنى تسييره لمدة ثلاثين ثانية بدون حاسبات آلية.
كما ان تعقيدات الإنتاج المستجدة وإدماج العديد من التقنيات المختلفة (الدائبة التغيير) وتنوع الأسواق..
كل ذلك ماانفك يزيد، سريعاً، من كمية ونوعية المعلومات اللازمة لجعل النظام يعمل على إنتاج الثروة.
وفضلا عن ذلك فإننا مازلنا في بداية عملية (التوجه المعلوماتي) هذه.
فأفضل حاسباتنا الآلية، وكذلك نظم التصميم والتصنيع التي تعمل بموجبها، مازالت في مرحلة جد بدائية.
مقومات القوة والثروة:
إذن، يتبيَّن من ذلك أن المعرفة نفسها ليست المصدر الوحيد للسلطة ذات النوعية العالية فحسب، بل إنها أيضاً أهم مقومات القوة والثروة.وبتعبير آخر، فإن المعرفة لم تعد مساعداً لقوة المال وقوة العضلات، بل أصبحت جوهر هاتين القوتين.
إنها في الواقع المضاعف الأكبر لهما.
وهذا هو مفتاح تحول السلطة الذي سيتمخض عنه المستقبل، وهو يوضح لماذا أخذت المعركة الدائرة من أجل التحكم في المعرفة ووسائل الاتصال تشتد الآن وتحتدم في جميع أنحاء العالم.
(*) (Power shift) تعني نقل السلطة أو انتقالها، بينما (Powershift) عبارة عن تغيير عميق في طبيعة السلطة ذاتها.
التسميات
الدولة والأمة