المعرفة والاتصال والسلطة.. وسائل الاتصال تقوم بدورها بتشكيل مايتدفق خلالها من معارف وأفكار

المعرفة والاتصال والسلطة:

إن المعرفة والاتصال ليسا بمنأى عن التأثر بالشوائب أو بالسلطة والنفوذ. وما من (حقيقة) مستخدمة في عالم الأعمال أو في الحياة السياسية أو في العلاقات الإنسانية اليومية إلا وهي مأخوذة من (حقائق) أو افتراضات أخرى صاغها، عمداً أو من غير قصد، هيكل السلطة القائم من قبل.

الصراع على السلطة في المجتمع:

وهكذا فإن كل حقيقة لها سابق علاقة بالسلطة والنفوذ كما أن لها تأثيراً، كبر أم صغر، على توزيع السلطة في المستقبل.
أما اللاحقائق والحقائق المشكوك فيها فهي أيضاً حصيلة للصراع على السلطة في المجتمع فضلاً عن أنها أسلحة مستخدمة في هذا الصراع.

كما أن الحقائق الزائفة والأكاذيب، وأيضاً الحقائق (الصحيحة) و(القوانين) العلمية والحقائق الدينية المسلم بها، كل ذلك ذخيرة في لعبة السلطة المستمرة علاوة على أنها شكل من أشكال المعرفة.. حسب استخدامنا لهذا المصطلح هنا.

تأسيس علم المعلومات:

ثمة، بالطبع، تعريفات كثيرة للمعرفة، كثرة من يعتبرون أنفسهم ملمين بها. ويزداد الطين بلة عندما يتم إعطاء معان جد فنية لكلمات (إشارات) و(رموز) و(تصورات)، ثم يتزايد الإرباك عندما نكتشف أن التعريف الشهير للمعلومات والموضوع بواسطة (كلود شانون) و(وارين ويفر)، اللذين ساهما في تأسيس علم المعلومات، لا أثر له على المعاني اللفظية للاتصال أو على مضمونه وإن كان مفيداً في الأغراض التقنية.
في الصفحات التالية ستعني كلمة (بيانات)، عموماً، الحقائق غير المترابطة تقريباً.
أما كلمة (معلومات) فستشير إلى البيانات التي تمَّ إدراجها في فئات وتصانيف أو أنماط تبويبية أخرى.
وستعني كلمة (معرفة) المعلومات التي تمَّ إدخال مزيد من التهديب عليها لتصبح في شكل إفادات أعم.
بيد أنه قد يتم أحياناً استخدام التعابير الثلاثة كل مكان الآخر تفادياً للتكرار الممل.

نواتج المجتمع الرمزية:

وتبسيطاً للأمور وتحاشياً لمتاهات هذه التعاريف، حتى ولو كان ذلك على حساب الدقة البالغة، سنعطي مصطلح (معرفة) في الصفحات التالية معنى موسعاً.
إذ سيضم، أو سيحوي، كل من المعلومات والبيانات والتصورات والمجازات، فضلاً عن المواقف والقِيَم وغيرها من نواتج المجتمع الرمزية، سواء أكانت (صحيحة) أو (تقريبية) أو حتى (زائفة).
هذه الأمور كلها كان ولا زال، يتم استخدامها أو تطويعها من قِبَل أولئك الذين ينشدون السلطة والنفوذ.
ويحدث نفس أيضاً مع وسائل نقل المعرفة: أي وسائل الاتصال التي تقوم بدورها بتشكيل مايتدفق خلالها من معارف وأفكار.
وعليه سيتم استخدام مصطلح  (معرفة) ليشمل هذا كله.