الوظيفة التربوية للمدرسة.. تربية الأطفال وإكسابهم قيما إنسانية وهوياتية تتأقلم مع متطلبات المجتمع

بجانب الوظيفة التعليمية والتكوينية فان للمدرسة وظيفة أساسية وشاملة استمدتها من الأسرة تتجلى في تربية الأطفال تربية تجعلهم يحترمون مجتمعاتهم ويندمجون مع مختلف المؤسسات الاجتماعية الأخرى، وبفضلها يكتسبون قيما إنسانية وهوياتية تتأقلم مع متطلبات المجتمع، وبفضل الفلسفة التربوية التي تنهجها المدرسة كمؤسسة عمومية يمكن للمجتمع التطور والسير نحو ما هو أفضل أو العكس الإصابة بالركود والتخبط في مشاكل جمة.

فصلاح المجتمع ينطلق من صلاح المدرسة وكل خطأ يرتكب داخل جدران هذا الحقل سيكون له اثر بليغ على مستقبل الدولة برمتها، فعلاقة المدرسة بالمجتمع علاقة الأم بابنها، وعلاقة السائق بسيارته وعلاقة القائد بجماعته، فالمدرسة هي مقود التطور والتقدم ومفتاح التغيير، وعبر المدرسة يمكن كذلك ان نصنع مجتمعا متخلفا ومجتمعا مسالما كما نريد.

ولهذا فعندما نتحدث عن إصلاح التعليم وبالتالي المدرسة، علينا أن ننظر إلى مستقبل الأمة وماذا نريد فعلا من مجتمعنا؟ هل نريده مجتمعا متقدما؟ ديمقراطيا؟ متفتحا؟ يحب وطنه؟ غيور عليه؟ يعتز بهويته؟ قد يدفع ثمن حياته دفاعا عن وطنه؟ أم مجتمعا متخلفا لا يحب وطنه؟ و لايعير أي اهتمام لنفسه و لا لوطنه؟ مجتمعا متفاوتا في كل المستويات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية؟ وحتى من حيث الملكية والمواقع الجغرافية؟

إن المدرسة هي الحل الوحيد والباب الأول الذي يمكن من خلاله ان نفبرك فردا ثم أسرة وبالتالي مجتمعا كاملا، فداخل المدرسة نجد كل الأطفال ينحدرون من كل الأسر كسفراء لها، وهم الذين سيصبحون رجال الغد.

فإذا قمنا بتربيتهم بشكل جيد وعلى تربية مستقبلية لأنهم خلقوا لزمن غير زماننا، نضمن مجتمعا منسجما ومتقدما.

عكس ما وجدناه وما نجده داخل المدرسة المغربية، التي تتخبط في أزمات متتالية ومستمرة وبالتالي تحصد خسائر جسيمة لا يمكن للمجتمع المغربي تفاديها ولو بالقروض الدولية.

فهي خسارة تربوية ترسخت في شخصية الفرد المغربي الذي يفضل الهجرة والموت في البحر عن الصمود والنضال من أجل الإصلاح التام، شخصية الفرد المغربي الذي لا يعرف النظام بل لا يحبه، ويفضل الفوضى أحيانا عن احترام القوانين، الفرد المغربي الذي لا يميز بين الواجب والحق.

الفرد المغربي الذي يفضل أن يتمتع بجنسية أجنبية عوض جنسيته الأصلية... إنها حقائق مرة وواقعية لا يمكن تنكرها أو جهلها، فكل فرد وطئت قدمه المدرسة تجده يحس بمرارة الواقع المغربي وبأزمة التعليم بالخصوص.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال