المعلقات الشعرية وقضية التعليق.. أكثر العرب كانوا يجتمعون بعكاظ ويتناشدون فإذا استحسن الملك قصيدة قال علقوها وأثبتوها في خزانتي

المعلقات هي أكثر قصائد الشعر الجاهلي شهرة وذيوعا، واسم "المعلقات" أكثر أسمائها دلالة عليها.
فربما سميت المذهبات، أو السّموط، أو المشهورات.

غير أن اسم المعلقات غلب عليها، وصار أكثر هذه الأسماء ذيوعا، وأدلها على تلك القصائد التي بدت متميزة من بين النتاج الشعري خلال العصر الذي سبق ظهور الإسلام.

ومن الطبيعي أن تثير دلالة الاسم حماسة الباحثين الذين راحوا منذ القديم يسألون: ما معنى المعلقات؟ وما سرّ هذه التسميات؟

فإذا ما روي عن ابن الكلبي (ت 204هـ) أن أول شعر عُلق في الجاهلية شعر امرئ القيس.. "علق على ركن من أركان الكعبة أيام الموسم حتى نظر إليه ثم أُحدر.." فعلّقت الشّعراء كذلك من بعده، وكان ذلك فخرا للعرب في الجاهلية، وعدّوا مَنْ علق شعره سبعـة نفر.." تردد القول بربط الاسم إلى حدث التعليق المذكور، وتناقل ذلك الباحثون القدامى منهم والمحدثون.

فإذا ما عرفت رواية أخرى لأبي جعفر النحاس (ت 338هـ) تسمي هذه القصائد "المشهورات" ويقول فيها: "إن أكثر العرب كانوا يجتمعون بعكاظ ويتناشدون، فإذا استحسن الملك قصيدة قال: علقوها وأثبتوها في خزانتي.

وأما قول من قال: إنها علقت في الكعبة فلا يعرفه أحد من الرّواة، وأصحّ ما قيل في هذا أن حمادا الراوية لما رأى زهد الناس في حفظ الشعر جمع هذه السبع وحضهم عليها..".

إذا بالباحثين ينقسمون تجاه هذا الأمر قسمين.
أحدهما ينكر التعليق على الكعبة، ويفهم رواية ابن الكلبي فهما مجازيا أو يشكك فيها.

والآخر يثبت التعليق، ويتحمس له، ويدافع عنه، ويسوق الدليل تلو الدليل، ويفند حجج المخالفين حجة بعد حجة، حتى ينتهي إلى الاطمئنان لما يعتقده صوابا، ويمنح القارئ والمتابع للقضية يقينا يشبه يقينه.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال