الجالية العربية واللبنانية في غرب إفريقيا والتحولات الاقتصادية.. الحد من هجرة الشباب والعقول والاهتمام بتعليم اللغة العربية لأبناء المهاجرين وإشراك المهاجرين في الحياة السياسية اللبنانية

مما لاشك فيه أن الجاليات اللبنانية لعبت دورا إيجابيا في دفع حركة التطور الاقتصادي والاجتماعي لبلدان غرب إفريقيا ومع ذلك فإن استمرار واقع التمايز الاجتماعي لبعض الجاليات العربية وبخاصة اللبنانية ذات الثقل السكاني الكبير والأثر الاقتصادي الملموس يعد في بعض الدول الإفريقية خطرا ويرجع هذا إلى الفوارق الاجتماعية والطبقية والشعور بالدونية من الجانب الإفريقي والشعور بالإنطوائية والاستعلائية من الجانب العربي - اللبناني.

وبقاء أو عدم بقاء الجالية العربية واللبنانية في كثير من دول غرب إفريقيا يعتمد اعتمادا كبيرا على التحولات الاقتصادية ورياح التغيير السياسية التي تهب الآن على بعض الدول الإفريقية التي ارتبطت اقتصادياتها بعجلة الاستعمار الحديث لفترة ليست بالقصيرة، الأمر الذي يتطلب جهدا مشتركا من جانب كل من المهاجرين ودولة المهجر (لبنان) للحفاظ على تلك الثروة الوطنية التي حفظت للبلاد بقاءها وقدرتها على الاستمرار بفضل تيارات التحويلات الخارجية من جانب تلك الجاليات المهاجرة، وهنا يمكن الإشارة إلى بعض المقترحات منها:

على الصعيد الداخلي:
1-
 الحد من هجرة الشباب والعقول إلى الخارج عن طريق تعزيز الجهود الرامية إلى تحقيق التنمية الاقتصادية، والاجتماعية المستدامة، وضمان حقوق الإنسان، واحترام سيادة القانون، وتشجيع الحكم الصالح وتدعيم الديمقراطية، وايلاء المزيد من الدعم لبلوغ الأمن الغذائي الوطني والأسري، وبرامج التعليم والتغذية والصحة، وكفالة حماية البيئة، وإعادة تقييم العلاقات التجارية والتعريفية، وتهيئة فرص  العمل المناسبة، وايجاد سبل تيسير عودة المهاجرين، خصوصا المتعلمين وأصحاب الكفاءات، وإعادة دمجهم بسرعة في الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والاستفادة من مؤهلاتهم ومهاراتهم، عبر تأمين فرص العمل الملائمة لهم في إطار يفترض أن يستند إلى اعتبارات وحوافز كافية للعودة.

2- إجراء نقد لأداء المؤسسات الرسمية والأهلية المعنية بالهجرة، والبحث عن بدائل موضوعية ملائمة للعناية الفعالة بهذه الثروة الوطنية الهائلة التي تختزنها المهاجر.

3- عمل قاعدة بيانات بناء على بيانات ميدانية تحوي كل ما يتعلق بقدرات وإمكانيات ومناطق انتشار وتركز المهاجرين، للاستعانة بها في التخطيط بشأن الاستفادة من تلك القدرات أو مواجهة حالات الكوارث والخطر التي تواجه تلك الجاليات في بعض الأحيان، علي نحو يعزز ثقة المهاجر بدولته، ويجذر ارتباطه بأرض الوطن.

4- الاهتمام بتعليم اللغة العربية لأبناء المهاجرين، من أجل الإبقاء علي الروابط الثقافية التي تقوي المشاعر الوطنية، وفي مقدمتها الحنين الدائم لأرض الآباء والأجداد، علي أن يترافق تدريس اللغة مع القيام بحملة إعلامية، وإعلانية، للتعريف بالتراث والقضايا الوطنية وكذلك التعريف بالمعالم السياحية والأثرية في الوطن، واستخدام كافة وسائل الاتصال المتطورة لتزويد المهاجرين بأخبار الوطن وتلقي أخبارهم ومشكلاتهم في المهجر.

5- العمل على إنجاز اتفاقات ثنائية مع بلدان المهجر، لتنظيم عمالة اللبنانيين فيها، وتأمين حسن إقامتهم، وتوفير الدعم لهم لإنجاحهم في أعمالهم ووضع خطة واضحة لاستيراد العمالة الخارجية كي لاتشكل أية مضاربة مع سوق العمل الوطني، وإخلالا في التوازن المالي للبلاد، وذلك عن طريق وضع القوانين والتشريعات الحديثة التي تراعي مكونات هذه العمالة، وتحمي المهن المحصورة بأصحاب العمل اللبنانيين والعاملين فيها.

6- إشراك المهاجرين في الحياة السياسية اللبنانية، لأن ذلك يطور الشعور بالمسؤولية تجاه الوطن، وذلك من خلال منح المهاجر حق الترشح والاقتراع، ويقتضي ذلك ايجاد القوانين المناسبة لأوضاع الجاليات وعلاقاتها بأنظمة الدول التي تستضيفها.

7- أن مشاركة المهاجرين في العمل السياسي الوطني يعمق روابطهم بالدولة، ويشكل اقرارا بحجم هذه الطاقات التي تملك نفوذا سياسيا وتأثيرا كبيرا من خلال شبكة علاقتها بعواصم القرار الإقليمي والقاري والدولي.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال