أهمية الإجارة عند العرب.. افتقاد العرب قبل الاسلام لسلطة مركزية تقر الأمن وتفرض النظم وتكف القوي عن البطش بالضعيف وتأخذ للمظلوم بحقه من الظالم

إنّ العلاقة بين الفرد وقبيلته، قد تسير في خطين متعاكسين، فتضطر القبيلة إلى إسقاط الجنسية القبلية عنه، فيصبح بحاجة  إلى من يسبغ عليه الحماية ويفرد عليه جناحيه.

أهميتها:
تشكل الإجارة بهذا المعنى نظاماً من اكثر النظم شيوعاً في المجتمع العربي في عصر ما قبل الاسلام، ومن أبلغها تأثيراً في حياته  اليومية.

ونحن لا نكاد نقرأ شيئاً من الشعر الجاهلي، أو نطالع شيئاً من أيام العرب في الجاهلية الاّ ونجد حديثاً  عن الجوار، أو إشارة إليه.

وترجع أهمية هذا النظام إلى افتقاد العرب قبل الاسلام لسلطة مركزية تقرّ الأمن، وتفرض النظم، وتكفّ القويّ عن البطش بالضعيف، وتأخذ للمظلوم بحقّه من الظالم.

فالجوار كان نظاماً أوجدته ضرورات الحياة العربية في ذلك العصر بديلاً للسلطة المركزية.

وقد استطاع هذا النظام أنْ يوفر للناس قدراً من الأمن والطمأنينة، وأن يدفع عنهم بعضاً من الظلم والاضطهاد.

ونظراً لما كان لهذا النظام من أهمية بالغة في حياة العرب نجدهم يجعلون من احترام مقتضياته واجباً يكاد يكون مقدّساً، فهم يفخرون به، ويوصي ساداتهم وأشرافهم أبناءهم بضرورة مراعاته، ويكيل الشعراء الثناء والمديح لمن  يحترم جواره.

ولعل هذا ما دفع المستشرق نيكلسون إلى القول: "وليس الصق بطباع العربي- وثنيا كان ام مسلما- من الشهامة، والتضحية بذاته تضحيةً لا يرجو من ورائها شيئاً في سبيل أصدقائه، والشعر القديم خاصة يضع بين ايدينا  الدليل على أنهم كانوا يجزعون أشد الجزع إذا رأوا جاراً ينكث بعهد جاره".
أحدث أقدم

نموذج الاتصال