العداء للجالية اللبنانية في أفريقيا.. استغلال اللبنانيين لخيرات البلاد ومسؤوليتهم عن فساد إدارتها بما يقدمونه من رشاوي للقائمين عليها وعن التهريب والدعارة المنظمة

بعد حصول لبنان على استقلاله، ارتفعت حدة الحملة التي اتخذت غطاء سياسيا، حيث لم تغفر للمهاجرين اللبنانيين ميولهم الاستقلالية.

وقد انتهى الأمر بتأسيس صحيفة وجمعيتين، رهنوا وجودهم واستمراريتهم بمهاجمة اللبنانيين والدعوة لطردهم جميعها وبدون استثناء.

وقد نجح القائمون على هذه الحملة، في تنظيم عدة تجمعات احتجاجية لتحقيق غايتهم، كما أنهم نجحوا في استمالة العامة من الأفارقة وكذلك بعض القادة السياسيين للمشاركة في محاربة اللبنانيين.

ولم تهدأ الحملة إلا بعد تدخل وزارة الخارجية اللبنانيية والقادة السياسيين والصحافة اللبنانية، وتشكيل لجنة لمعاضدة لبنانيي افريقيا الغربية ضد الحملة العنصرية التي كانت تستهدفهم.

غير أن حملة العداء هذه عادت لتطفو على السطح من جديد عام 1955، وهنا وجدت كذلك في السياسة مبررا لها.

فعلى إثر تصويت لبنان لصالح استقلال المغرب في الأمم المتحدة، وجمع التبرعات للحركة الوطنية المغربية عقب أحداث الدار البيضاء، بدأت مهاجمة لبنانيي افريقيا الغربية من جديد بتهمة الدعاية لجامعة الدول العربية ولميولهم للقومية العربية.

ولم يحمل استقلال بلدان إفريقيا الغربية عام 1960م، جديدا فيما يتعلق بالموقف المعادي للبنانيين، لأن المستعمر لم ينسحب إلا بعد أن كرس هذا الموقف كما كرس ثقافته بشكل عام في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء بشكل قلما نجده في منطقة أخرى.

هكذا وكما كان الحال في الماضي تولى بعض المثقفين الأوربيين والصحافة الأوربية، خاصة الفرنسية، تكرير ما كانت تروج له في الماضي والمتمثل في تحميل الجاليات اللبنانية مسؤولية الكثير من المشاكل التي تعرفها المنطقة.

وقد نجحت هذه الصحافة اليوم أكثر مما نجحت بالأمس، في تكريس أطروحتها وجعل المجتمع بمختلف شرائحه يتحدث عن استغلال اللبنانيين لخيرات البلاد وعن مسؤوليتهم عن فساد إدارتها بما يقدمونه من رشاوي للقائمين عليها، وعن التهريب والدعارة المنظمة، بل وعن الإرهاب وأحيانا الانقلابات السياسية التي تحدث بالمنطقة.

هكذا بالعثور على كميات من الأسلحة في حوزة مهاجر لبناني في ساحل العاج عام 1988م واعتقال لبناني مولود بالسنغال في فرنسا عام 1986م بتهمة التحريض على الإرهاب، كان يعني أن قطاعا واسعا من المهاجرين يمارسون الإرهاب، بل ويساهمون في جعل بلدان المنطقة مقرا لاستراحة وتدريب مقاتلي أمل وحزب الله، ويقومون في نفس الوقت بتمويل التنظيمين.

وتعبير رجل أعمال لبناني (من أم سيراليونية)، عن رفضه لسياسة الرئيس (موموه) Momoh عام 1986م، في سيراليون، كان يعني أن اللبنانيين في إفريقيا الغربية يمولون الأنظمة الرجعية التي تقوم في المقابل بحماية مصالحهم.

لقد كان على اللبنانيين أن يؤدوا ثمن هذا الفرض، بحيث أصبحت مؤسساتهم الاقتصادية عرضة للنهب كلما اندلعت أحداث شغب ضد السياسات الحكومية، كما حدث في ليبيريا عام 1989م، وفي الجابون عام 1985م، ومالي عام 1991م، وفي السنغال عام 1989م، وساحل العاج أعوام 1999م و2002م – 2004م.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال