دعوات السلام في الشعر الجاهلي.. الدعوة للحفاظ على أواصر العلاقة الإيجابية بين القبائل والحد من آثار الغزو المتبادل والتناقضات الثانوية بينها

لقد مثلت دعوات السلام محورا مهما من محاور تعبير الشعراء عن انتمائهم القبلي، فجاء شعرهم صوتا صادقا يدعو للحفاظ على أواصر العلاقة الإيجابية بين القبائل، ويحدّ من آثار الغزو المتبادل، والتناقضات الثانوية بين هذه القبائل والعلاقات القائمة بينها.

ومن هؤلاء الشعراء القتال الكلابي، وأبو قيس بن الأسلت، والفند الزماني، وعمرو بن الأهتم، والحصين بن الحمام المرّي والنابغة الذبياني، وزهير بن أبي سلمى الذي جعل شعره وقفا على هذه الدعوات النبيلة.

ولعل الأبيات الآتية من معلقة زهير التي جعلها وثيقة تؤرخ الصلح بين عبس وذبيان، وأثر هرم بن سنان، والحارث بن عوف في إقرار هذا الصلح، تعكس هذه الحقيقة، وتؤكدها، إذ يقول:
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم -- وما هو عنها بالحديث المرجم
متى تبعثوها تبعثوها ذميمة -- وتضر إذا ضريتموها فتضرم
فتعرككم عرك الرحا بثقالها -- وتلقح كشافا ثم تنتج فتتئم

وانظر إلى حال بكر وتغلب بعد أن انتهيا إلى الصلح، فقد ساد بينهما الحب والصفاء حتى تغنى بذلك الشعراء، ومما قاله أمية بن أبي الصلت:
ألا قل للقبائل إن بكـــراً -- وتغلب بعد حربهم  سنينا
أطاعوا الله في صلة وعطف -- وأضحوا إخوة متجاورينا
أحدث أقدم

نموذج الاتصال