معايير حماسة أبي تمام الكبرى والصغرى (الوحشيات).. الجودة الفنية والتصنيف الموضوعي. تبويب المعاني والأغراض أو الموضوعات الشعرية التي تمثلها المقطوعات

إذا كانت المعلقات، والمفضليات، والأصمعيات، وجمهرة أشعار العرب هي كتب اختيارات لقصائد طويلة ومتوسطة وقصيرة قائمة على أساس الذوق الأدبي، والجزالة اللغوية، والحرص على جمع التراث الشعري العربي، الجاهلي، فالإسلامي، فالأموي، لتدوين اللغة والاستشهاد به على مسائل النحو، فإن ظهور حماسة أبي تمام الكبرى والصغرى (الوحشيات) قد أرست منهجا جديدا للاختبار يعتمد على تبويب المعاني والأغراض أو الموضوعات الشعرية التي تمثلها المقطوعات، لشعراء معروفين ومغمورين أو مقلين، وبذلك عدّها نقاد ذلك العصر أنقى اختيار للمقطوعات.

وقد تبنى أبو تمام في حماستيه: الكبرى والصغرى معيارين نقديين، هما:

1- الجودة الفنية:
كان أبو تمام في اختياراته الشعرية ناقدا منصفا، استطاع أن يؤكد على مبدأ الجودة الفنية والذوق الشعري الصافي معيارا نقديا في الاختيار.

فهو شاعر فنان، قبل أن يكون لغويا أو نحويا، أو راوية، فلا غرابة إذا قيل: إن أبا تمام في اختياره الحماسة أشعر منه في شعره.

ولم يقصر ابو تمام الجودة، بوصفها معيارا للاختيار، على عصر شعري دون آخر، بل جعلها مقياسا تتساوى فيه العصور الشعرية العربية كلها.

2- التصنيف الموضوعي:
ويعد أبو تمام رائدا في هذا الاتجاه القائم على المعاني والأغراض الشعرية. فقد قسّم حماسته الكبرى على عشرة أبواب، هي:
باب الحماسة.
- باب المراثي.
- باب الأدب.
- باب النسيب.
- باب الهجاء.
- باب الأضياف والمديح.
- وباب الصفات.
- باب السير والنعاس.
- باب الملح.
- باب مذمة النساء.

التزم أبو تمام بهذا التصنيف الوضوعي في تبويب "الحماسة الصغرى" أو "الوحشيات" وهي أمثلة من شوارد الشعر وأوابده، امتازت بكونها أكثر غرابة.
وأصعب فهما من النماذج الشعرية التي وردت في الحماسة الكبرى.

فالوحشيات مبوبة على عشرة أبواب أو أغراض شعرية لا تختلف في تسلسلها عن أبواب الحماسة الكبرى إلا في الباب الثامن الذي سماه باب المشيب بدلا من باب السير والنعاس.

تبوأ باب الحماسة في هذين الكتابين الصدارة من حيث عدد الحماسيات أو المقطوعات، أو عدد الأبيات بالمقارنة إلى بقية الأبواب ومن هنا جاءت تسمية هذه الاختيارات بالحماسة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال