إنكار تزييف الشعر الجاهلي.. بلوغ الرواة ذروة الشاعرية وتوزيع الأساليب حسب الأمزجة والأعمار والملكات الأدبية

ينكر عباس محمود العقاد تزييف الشعر الجاهلي تماما.
ويرى أنه ما من قارئ للأدب يسيغ القول بوجود طائفة من الرواة، يلفقون أشعار الجاهلية، كما وصلت إلينا، ويفلحون في ذلك التلفيق.

إذ معنى ذلك (أولا) أن هؤلاء الرواة قد بلغوا من الشاعرية ذروتها التي بلغها امرؤ القيس، والنابغة، وطرفة، وعنترة، وزهير، وغيرهم من فحول الشعر في الجاهلية.

ومعنى ذلك (ثانيا) أنهم مقتدرون على توزيع الأساليب حسب الأمزجة والأعمار، والملكات الأدبية، فينظمون بمزاج الشاب طرفة، ومزاج الشيخ زهير، ومزاج العربيد الغزل امرئ القيس، ومزاج الفارس المقدام عنترة، ويتحرون لكل واحد مناسباته النفيسة، والتاريخية.

ويجمعـون لـه القصائد على نمط واحد في الديوان الذي ينسب إليه.
ومعنى ذلك (ثالثا) أن هذه القدرة توجد عند الرواة، ولا توجد عند أحد الشعراء، ثم يفرط الرواة في سمعتها.

وهم على هذا العلم بقيمة الشعر الأصيل، وما من ناقد يسيغ هذا الفرض ببرهان، فضلا عن إساغته بغير برهان، ولغير سبب إلا أن يتوهم ويعزز التوهم بالتخمين.

إن نظرية الشك هذه أفادت التراث العربي، فقد كانت له امتحانا عسيرا، خرج منها أكثر إشراقا ونصاعة، فماتت كل الأقوال، وقبرت كل المحاولات.

وبقي الشعر الجاهلي أصيلا شامخا على مر العصور والأجيال.
ولقد تراجع طه حسين، وتوقف المستشرقون، واستمر الشعر الجاهلي في عطائه.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال