حضارة الحيرة.. تعلّم المرقش الأكبر وأخوه حرملة، الكتابة وتعلم بشر بن عبد الملك الكندي صاحب دومة وسفيان بن أمية بن عبد شمس وأبو قيس بن عبد مناف بن زهرة الكناني الجندل الخط العربي

ازدهرت الحياة العلمية في الحيرة ازدهاراً لم تشهده مدينة عربية في العصر الجاهلي، إذ كانت تزخر بمعاهد العلم ومدارسه.

فقد تلقى إيليا الحيري، مؤسس دير مارا إيليا في الموصل دراسته الدينية في مدرسة بالحيرة، كما تلقى مار عبدا الكبير دراسته في إحدى مدارس الحيرة.

وفي الحيرة تعلّم المرقش الأكبر، وأخوه حرملة، الكتابة على أحد النصارى من أهلها، وكان بشر بن عبد الملك الكندي، صاحب دومة الجندل يأتي الحيرة، فيقيم بها الحين، فتعلم فيها الخط العربي، وعن طريقه تعلم سفيان بن أمية بن عبد شمس، وأبو قيس بن عبد مناف بن زهرة الكناني، وذكر ياقوت أن الصبيان في الحيرة كانوا يتعلمون القراءة والكتابة في كنيسة قرية من قراها اسمها النقيرة.

وكان ملوك الحيرة من البيت اللخمي يشجعون الشعراء بالعطايا والصِّلات، فوفد إليها من شعراء الجاهلية المرقش الأصغر، وعمرو بن قميئة، والمتلمس، وطرفة بن العبد، وعبيد بن الأبرص، والمرقش الأكبر، والمثقب العبدي، والمنخل اليشكري، والنابغة الذبياني، وحسان بن ثابت، والأسود بن يعفر النهشلي، وأعشى قيس، وعمرو بن كلّثوم التغلبي، والحارث بن حلزة اليشكري، وضمرة بن ضمرة النهشلي.

وقد صّور هؤلاءِ الشّعراءُ الذين زاروا الشّام والعراق أو أقاموا فيها -هذه البيئاتِ الجديدةَ في مختِلفِ نواحي الحياة السياسة والفكريةِ والاجتماعية.. ورسموا لنا لوْحاتٍ شعريةً، عبّروا فيها عّما شاهدوه من أمورٍ غريبةٍ مستطرفة، وعادات، وتقاليد كانت سائدة..

وقد تأثرت أغراض الشعر -عند هؤلاء الشعراء بهذه الحياة الجديدة، وأصبح لها طابعٌ يميّزه من غيره من الشعر، الذي نُظم داخل الجزيرة...

وظهر -لأول مرة- شعر ذو طابع سياسي، عبّر عن محاولات بعض القبائل  الوقوف في وجه المناذرة، ومحاولات بعض الشعراء استثارة قبائلهم للثورة على الظلم.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال