شعر الانتماء القبلي وطموح الشاعر الجاهلي.. تجنيب القبيلة آثار سياسة الاحتواء التي مارسها ملوك الغساسنة وملوك المناذرة بدفع من الإمبراطوريتين البيزنطية والساسانية

عكس شعر الانتماء القبلي طموح الشاعر السياسي المتمثل في تجنيب قبيلته آثار سياسة الاحتواء التي مارسها ملوك الغساسنة وملوك المناذرة، بدفع من الإمبراطوريتين البيزنطية والساسانية.

كما يبدو الأمر جليا في شعر النابغة، فقد عمد هذا الشاعر إلى منع قبيلته من الانحياز لإحدى الدولتين، لأنه كان يدرك ما سيجره هذا الانحياز من ويلات عليها، فنراه ينهى قومه عن التعرض بملك الغساسنة لأنه كان يعي ما سيؤول إليه مصير، القوم إذا ما أقدموا على أمر كهذا، فيقول:
لقد نهيت بني ذبيان عـن أقر --  وعن تربعهم في كل أصفار
وقلت يا قوم إن الليث منقبض -- على براثنه لوثبة  الضاري

والنابغة في موقفه هذا لا يعكس خوفه الشخصي على نفسه، أو على قبيلته، بقدر يعكس حكمته السياسية الرامية إلى تجنيب قومه احتمالات الأذى من الصدام مع الغساسنة، ولا أدل على ذلك من قصيدة أخرى يحذر فيها الملك الغساني، ويذكره بشجاعة قومه، بعد أن وجد هذا الملك مصرّا على غزوهم، فيقول:
لقد قلت للنعمان يوم لقيته -- يريد بني حن ببرقة صادر
تجنب بني حن فإن لقاءهم -- كريه وإن لم تلق إلا بصابر
عظام اللها أولاد عذرة إنهم -- لهاميم يستلونها بالحراجر
هم منعوا وادي القرى من عدوهم -- بجمع مبير للعدو المكابر
أحدث أقدم

نموذج الاتصال