اعتمد جل الرواة العلماء على الذاكرة والحفظ ، فكانوا ينشدون الأشعار، أو يُمْلونها دون الرجوع إلى مصدر مكتوب، وإنك لتجد لهم في مختلف كتب اللغة والأدب والتراجم نوادر بولغ فيها كثيرا، منها قولهم: إن الأصمعي كان يحفظ ستة عشر ألف أرجوزة، وأن الفرّاء أملى كتبه كلها حفظا.
ويروى أن الوليد بن يزيد سأل حمادا الراوية: بم استحققت هذا اللقب، فقيل لك الراوية؟
قال: "بأني أروي لكل شاعر تعرفه يا أمير المؤمنين أو سمعت به، ثم أروي لأكثر منهم ممن تعرف أنك لم تعرفه، ولم تسمع به، ثم لا أنشد شعرا قديما ولا محدثا إلا ميزت القديم منه من المحدث.
فقال الوليد: إن هذا العلم وأبيك كثير، فكم مقدار ما تحفظ من الشعر؟
قال كثيرا، ولكني أنشدك على كل حرف من حروف المعجم مئة قصيدة كبيرة سوى المقطعات من شعر الجاهلية دون شعر الإسلام.
قال: سأمتحنك في هذا، وأمره بالإنشاد.
فأنشد الوليد حتى ضجر ثم وكل به من استحلفه أن يصدقه عنه، ويستوفي عليه، فأنشده ألفين وتسعمئة قصيدة للجاهليين، وأخبر الوليد بذلك، فأمر له بمئة ألف درهم".
التسميات
رواية الشعر الجاهلي