المهاجر اللبناني وأزمة الهوية.. تطور الوعي السياسي والثقافي المشبع بالأفكار القومية العربية والسورية عند المهاجرين الوافدين من مناطق شهدت تغيرات سياسية

عانى المهاجر اللبناني أزمة هوية منذ طلائع هجرته، ومازالت هذه الازمة ترافقه حتي اليوم.

لقد سجلت دوائر الهجرة في الدول الجاذبة القادمين الاوائل من بلاد سوريا وفلسطين ولبنان، في هويات متعددة، وتحت أسماء مختلفة، فسجلوا كأتراك، لأنهم لدول داخل تراب السلطنة، وكعرب، لأنهم يتكلمون اللغة العربية، وكسوريين، لأنهم قدموا من ولاية سوريا وكعثمانيين لأنهم رعايا عثمانيون ويحملون جنسية هذه الدولة.

وقد ساهمت أسباب أخرى في استعمال هذا العدد من التسميات، أحدها أن هؤلاء المهاجرين عند وصولهم إلى الموانىء الأجنبية كانت تترك لهم حرية التصريح بالجنسية التي يحملونها، أو كانوا يكتفون بتسليم جوازات سفرهم التركية، ويتركون للموظفين حرية التصرف، تبع ذلك ارتباط بين التغيير المستمر في التسمية وتطور الوعي السياسي والثقافي المشبع بالأفكار القومية العربية والسورية عند المهاجرين الوافدين من مناطق شهدت تغيرات سياسية.

ومعظم هؤلاء رفضوا الجنسية التركية وجاهروا بهويتهم الجديدة، ولعل هذا ماجعل تسمية: عربي وسوري ولبناني تظهر منذ نهاية القرن التاسع عشر، لتختفي نهائيا تسمية العثماني أثرهزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى.

وبعد تجزئة بلاد المشرق بين الانتدابين (الفرنسي- الانجليزي) شاع انتشار جنسيات الدول المستحدثة، ومنها مصطلح "المهاجر اللبناني" الذي لم يسلم وهو في مطلع الألفية الثالثة، من تفاقم أزمة هويته التي ظهرت بوضوح بين أبناء الجالية اللبنانية العريقة التي تعيش في السنغال، وتتأرجح في انتمائها العاطفي بين ثلاث دول، السنغال بحكم الولادة والمنشأ، فرنسا بفضل اللغة والحضارة، ولبنان مسقط الأباء والأجداد، راجع جهاد العقل، الهجرة الحديثة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال