ملامح العجز في ثقافتنا التربوية.. عدم اكتراث المواطن بالشأن الثقافي واتجاه الفكر صوب الكسب المادي والعجز عن أي تطلع حضاري

إذا صح أن السياسة التعليمية لأمة ما، تعكس فيما تعكس، حاجاته الفكرية والاجتماعية، يصح القول إن هذه المعادلة غير متحققة في بلداننا.

وبيان ذلك، أن عدم اعتبار ما تقدم من ألوان النقص، وأصناف العطب، جعل أصحاب القرار، من نخب فكرية وسياسية، تبلور مشاريع تربوية، ضحلة الأثر ومضمونة الفشل، بالنظر إلى دأبها المزمن على استلهام برامج ومقررات جاهزة، من بيئة مترفة الإشكالات و باذخة الفكر.

فلا عجب إذن، أن نحصل في النهاية على مواطن غير مكترث بالشأن الثقافي، متجه الفكر كليةً صوب الكسب المادي، وِهن الوجدان  ضعيفه و معوز لأي تطلع حضاري، اللهم ما بطل منه ووّلى.

وهو أمر ُمنتَظٌر وطبيعي ممن تلقى أسئلة لا تذكيه، وأجوبة لا تغنيه، ودواء لا يشفيه، وبالجملة تجّرع تربية لا تعنيه.

من شأن الإجابة على التساؤلات أعلاه والعمل بمقتضاها، مع تضافر عوامل أخرى كثيرة، أن يجعل الخيط بين المدرسة والحياة لا ينقطع، ويصِّير الكتاب خبزا يوميا، كما يكفل اتساع الفوارق بين المثقف والأمي، عوض نزوعها اليوم نحو الانمحاء.

 نشير بالمناسبة إلى أن استلهام تجربة الأمم المتفوقة في المجال التربوي ليس بالأمر المردود، بل انه محمود ومطلوب، شريطة السيادة عليه والنظر إليه عبر أسئلتنا وإشكالاتنا وهواجسنا.

فإذا تأملنا برامج الفلسفة في الأدوار الثانوية التأهيلية، نلاحظ أن أغلب المفاهيم الواردة فيها مثل مفاهيم النظرية والغيروالعقل والوعي والحقيقة... قادرة على الوفاء إلى حد ما، بالغرض المأمول والهدف المقصود، إذا تم تطويعها لحاجاتنا النظرية واعتبرناها من زاوية نظرنا، ويكفي إعادة النظر في طرق مقاربتها.

كما تجدر الإشارة إلى زمرة أخرى من المفاهيم نعتبرها أقدر على الوفاء بالمطلوب من قبيل التفسير والتأويل، والبرهان، والقانون، والسببية، والذات، والمواطنة، والحرية، والتاريخ، والزمان، والمكان، والدولة..
أحدث أقدم

نموذج الاتصال