علاقة الأسرة بالمدرسة.. عدم لعب الآباء دور الشريك الفعلي للمدرسة رغم الاختلاف في طرق وأساليب تعاملهم معها وقلقهم على تعلم أبنائهم سواء الفاشلين منهم أو المتفوقين

تعمد المدرسة إلى تكوين الأطفال وتربيتهم وفق الثقافة التي تمثلها كمؤسسة تربوية، وإن اختلفت هذه الثقافات من جهة لأخرى ومن مستوى (ابتدائي) إلى آخر (إعدادي أو ثانوي أو جامعي).

وتلعب المدرسة دورا مهما في تنشئة الطفل وتحضيره للمستقبل.
ولن تتحقق هذه الأهداف دون خلق فرص للتعاون الفعال مع الأسرة.

إن موقف الأسرة من المدرسة عرف تطورا مهما في السنوات الأخيرة.
فرغم الدور الذي تلعبه المدرسة في تنشئة الطفل؛ إلا أنها لم تكن تشكل قبل العقدين الأخيرين الاهتمامات الرئيسية واليومية للأسرة.

فلقد حول المجتمع دور التربية إلى المدرسة.
وعلى العكس من ذلك خلال العقدين الأخيرين؛ شهد مجال التربية والتعليم تغيرات جوهرية جعلت الأسرة شريكا فعليا للمدرسة في تربية الأبناء.

أصبح موضوع التربية والمدرسة من الانشغالات الخاصة للأسرة. فالآباء ينتقدون المدرسة ويستنكرون مواقفها تجاههم ويعتبرونها مسؤولة عن التقصير في التواصل معهم، ويرغبون في إبداء رأيهم في كل ما يتعلق بالمدرسة من تدبير وبرامج ومناهج وغيرها.

إن النسب الضعيفة، لحضور الآباء في الجموع العامة لانتخابات مكاتب جمعيات آباء وأولياء التلاميذ، تؤكد عدم ثقة الآباء بالمدرسة.
نسبة الحضور هذه تبقى هزيلة وإن اختلفت من مستوى لآخر، لأنها تقل كلما انتقلنا من الابتدائي إلى الإعدادي أو الثانوي.

فرغم وجود مكاتب آباء وأولياء التلاميذ في كل المدارس؛ باعتبارها قنوات رسمية للتواصل مع المدرسة، إلا أن الآباء يفضلون الاتصالات الفردية، وتكون في الغالب مع الأساتذة وتتمركز حول التقويم الإجمالي، أي التقويم الذي تنتج عنه جزاءات المتعلمين على مردوديتهم في أنشطة تعلمية معينة، وينحصر دور المدرس في الإخبار والشرح والتبرير. ولمواقف الآباء من المدرسة عدة أنماط نذكر منها:

1- الغياب التام:
والمقصود هنا هو فئة الآباء الذين لا يتصلون بالمدرسة وهي الفئة العريضة من الآباء، ويمكن تبرير غيابهم هذا بجهلهم لمكونات المدرسة. ويتجنبون اللقاءات المباشرة خوفا من الاصطدامات مع القائمين  عليها. ولا ينبغي أن نفهم أنهم لا يهتمون بتمدرس أبنائهم؛ فالمدرسة الحالية لم تترك أبا غير مبال.

2- التغيب عن العمل الجماعي:
ونقصد هنا الفئات التي تكتفي باتصالات مع المدرسة، حيث لا تشارك ولا تتصل بجمعية آباء و أمهات وأولياء التلاميذ. وهي فئة كبيرة؛ حيث تمثل نسبة مهمة من الآباء خارج الفئة التي ذكرنا سابقا. وتتم الاتصالات بالمدرسة في الغالب عبر المدرسين.

3- العمل الجماعي:
المقصود هنا فئة الآباء الذين ينشطون داخل الجمعيات والفدراليات وتشكل نسبة قليلة من الآباء.

ونظرا لهذه الوضعية يتضح أن الآباء لا يلعبون دور الشريك الفعلي للمدرسة. وإذا كانوا يختلفون في طرق وأساليب تعاملهم معها، إلا أنهم يشتركون في عدة نقط نذكر منها ما يلي:

1- القيام بالواجبات المنزلية:
إن الآباء يسخرون كل إمكانياتهم لمساعدة الأبناء في إنجاز الواجبات المنزلية، حتى قيل إن الفروض موجهة للآباء وليس للأبناء.

2- القلق:
كل الآباء قلقون على تعلم أبنائهم سواء الفاشلين منهم أو المتفوقين. وهي ظاهرة ذات أهمية تسيطر على حياة الآباء وتؤثر على علاقتهم بأبنائهم وبالمدرسة. ويبدو أن مصدرها هو التخوف من المستقبل القريب والبعيد.

3- النظرة السلبية للمدرسة:
أغلب الآباء غير راضين عن مردودية المدرسة وعن الأساليب التي يتم بها تدبير التعلمات، ويقارنونها بما كانت عليه المدرسة ما بين سنتي  1960 و 1980 بدعوى أن دبلومات هذه السنوات كانت تعكس مهارات عالية في اللغة والمعارف وكفايات في الكتابة وقادرة على ضمان الشغل. أما الشواهد الحالية فليست كذلك على جميع المستويات. 

4- انعدام الثقة:
الآباء لا يثقون في المسؤولين عن التربية (السلطات الوصية) وفي نواياهم.
ويعتبرون أن خطاباتهم بعيدة عن الواقع. فهم يستنكرون الشعارات الرسمية كالجودة والشراكة والتعاون.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال