سفارة النبي (ص) إلى جيفر وعبد ابني الجلندي ملكي عمُان.. الخطاب السياسي النبوي موجه من أعلى سلطة روحية ودنيوية للعرب المسلمين إلى سلطة زمنية دنيوية

سفارة النبي (ص) إلى جيفر وعبد ابني الجلندي ملكي عمُان  (2) (8هـ/ 629م):

في السنة للهجرة بعث (ص)عمرو بن العاص  سفيرا له إلى جيفر وعبد ابني الجلندي الأزديين ملكي عُمان؛ وحمله كتابا نصه (بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد عبد الله ورسوله إلى الجيفر وعبد ابني الجُلُندي. سَلامٌ على من اتبع الهُدى، أما بَعْدُ: فإني أدعوكما بدعاية الإسلام، أسْلِما تَسْلماَ، فإني رسول الله إلى الناس كافَّةً. لأنُذر مَنْ كان حياً، ويَحُقَّ القَوْل ُ على الكافرينَ، وإنكما إن أقررَتُما بالإسلام وليتُكما وإن أبيتما أن  تُقِرَّا بالإسلام ، فإن مُلْكُماَ زائِلٌ عنكما ، وخيلي تَحُلُّ بساحَتِكما ، وتظهر  نبوّتي على ملككما).

أن المطلع على الكتاب النبوي إلى ملكي عمان من أبناء الازد القبيلة العربية يقف على عدة حقائق؛ أولها أن الخطاب السياسي النبوي موجه منه كونه أعلى سلطة روحية ودنيوية للعرب المسلمين إلى سلطة زمنية دنيوية في عُمان متمثلة بجيفر وعبد الازديان.

كما أن لغة السلام هي سباقه في بدء الحوار داخل الكتاب ؛ وقد أردف السلام بميزة أوصفة الهُدى الاوهي عبادة التوحيد ؛من خلال إعلانها الاسلام؛ سيما وأن رسول الرحمة (ص) عرفها بنفسه وبرسالته بكلماتٍ بسيطة وقليلة ؛ وأعطاهما خياراً واحداً أما الاسلام والبقاء على ملكيتهما ؛ وإلا فإن ملكهما زائل بقوة خيول المسلمين.

وهكذا تخلص إلى حقيقة مفادها: أن الرسول(ص)كان حازما ً في خطابه مع ملكي عمان لاسيما وأن قوة دولة الاسلام تعاظمت في السنة الثامنة من الهجرة ؛ ونحن نرجح أن يكون تاريخ تلك السفارة بُعيد فتح مكة والطائف؛ لأن دولة الاسلام بقيادة الرسول(ص) امتدت إلى جنوب الحجاز وامن أبناء العرب وقبائلهم بلاسلام ودخلت مناطقهم الشاسعة إلى دولة الاسلام؛ ومن هنا نفهم أسباب الحزم في الخطاب النبوي مع ملكي عُمان.

كما أن اختيار شخصية عمرو بن العاص كسفير للرسول(ص) له دلالته لاسيما وان دخول مكة تحت لواء الاسلام ؛ ومن بين الداخلين في الاسلام بني أمية ؛ ولكون عمرو بن العاص قائداً أمويا قرشياً يتمتع بقوة المفاوضة وقوة الخطاب ؛ لذلك اختاره(ص) لأداء تلك المهمة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال