الهدف التربوي في ظل النظريات التربوية الشخصانية.. تصور يتلخص في امتلاك الإنسان لحب فطري وفي امتلاكه قدرة على تحقيق ذاته من خلال المساهمة فيما يحقق الخير للمجتمع

تنطلق النظريات التربوية الشخصانية من إشكالية تطرح التساؤل الآتي: كيف يمكن للتربية أن تكون شخصا حرا؟
للإجابة عن هذا التساؤل، راح أصحاب الإتجاه الشخصاني في التربية يستمدون أفكارهم وآراءهم التربوية من الفلسفات الفينومينولوجية الوجودية.

ونظرا لكثرة العلماء الذين أثروا هذه النظريات، سنقتصر على عالمين أولهما هو كارل روجرس Carl.R.Rogers) (1961 باعتباره من الممثلين الأساسيين لتيار النظريات الشخصانية، وباعتبار أن "لا أحد يستطيع أن يتجاهل الأثر الذي مارسه روجرس على التربية في المجتمعات الأنجلوساكسونية والفرنكفونيـة فهذه الأخيرة تأثرت منذ بداية الخمسينيات بأفكاره فـي التربيـة". أمـا ثانيـهمـا فـهـوConstantin fotinas) 1977).

قبل التعرض لأهداف التربية عند هذين العالمين، تجدر الإشارة إلى أن تيار النظريات الشخصانية، يستمد أفكاره من نظريات العديد من علماء التربية أمثال أليكسندر.س.نيل (1975.Alexander Sutherland Neil) "الذي ركز اهتمامه على النمو المستقل للفرد"(9). أي على عدم فرض قواعد سلوكية على الطفل، وتركه حرا في اختيار ما يساعده على تنمية ميوله بكل حرية.

إلى جانب هذا المصدر الذي تستمد منه النظريات الشخصانية أركانها، نجد مصدرا آخر يتجسد في علم النفس الإنساني الذي يرفض حتمية العلاقة بين اللاشعور والبيئة ودورهما في تحديد سلوكات الفرد وأفعاله، وهنا قدم باحثون أمثال موتيمر آدلر Adler)  .Motimer 1990( و إريك فروم.Eric Fromm) (1947 محاولات تمكن من إيجاد سبيل ثالث يجنبهم الوقوع في ثنائية حتمية اللاشعور والبيئة معا، مما أدى إلى إنشاء ما يصطلح عليه بعلم النفس الشخصاني الذي يطلق عليه ماسلو اسم القوة الثالثة، التي تدل على تصور يتلخص في امتلاك الإنسان لحب فطري، وفي امتلاكه قدرة على تحقيق ذاته، من خلال المساهمة فيما يحقق الخير للمجتمع.

وبخصوص التعلم، ينطلق ماكس باجس M.Pagés) (1965. (أول من طرح الأفكار الشخصانية في فرنسا) من نقده للمقاربات التقليدية للتعلم، "التي تقلل من احتمالات حدوثه إن لم نقل أنها تجعله مستحيلا".

وهو يرى أنه لابد من البحث عن تصور بديل للتعلم، يسمح للشخص باختيار أقصى مدى لنموه النفسي، ويسمح له بأن يكون واقعيا واجتماعيا ومبدعا وقادرا على التغير باستمرار.

هناك مصدر ثالث للتيار الشخصاني وهو تيار نظريات العمل الجماعي، وتعد أعمال كورت ليفين Lewin) K (1935. وخاصة ما يتعلق منها بدينامية الشخصية، من الأعمال التي أثرت في التيار الشخصاني للتربية.

لقد توصل هذا العالم إلى ضرورة توفير مواقف تعليمية للطفل، تضمن له إمكانية تحيد أهدافه الشخصية والتصرف بحرية انطلاقا من حاجاته الخاصة ومن تقييمه الخاص.

ويمكن القول إن الإتجاه الذي يتخذه ليفين Lewin) (K. في التربية، يؤكد على تجنب المواقف التعليمية الكابحة، والميل إلى توفير المواقف التعليمية المتميزة بالحرية، فمثل هذه المواقف هو ما يساعد الطفل على تحقيق نمو شخصيته.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال