ولد حسين الحوثي عام 1956م في قرية آل الصيفي بمنطقة حيدان التابعة لمحافظة صعدة قبل نحو ست سنوات من اندلاع الثورة اليمنية التي قضت على الحكم الإمامي الذي استمر لأكثر من أحد عشر قرناً امتدادا للدولة الزيدية التي تأسست في جبال صعدة.
نشأ زيدي المذهب في كنف والده أحد المراجع الدينية في المذهب الزيدي، والتحق حسين بدر الدين الحوثي بمدارس التعليم السنية في محافظة صعدة ودرس في المعاهد الدينية التي كانت حركة الإخوان المسلمين تديرها قبل أن تتحول إلى حزب سياسي عام 1990م هو "التجمع اليمني للإصلاح".
تلقى التدريس الابتدائي والثانوي في المعهد العلمي في محافظة صعدة الذي كان يدرس العلوم الشرعية والفقه الإسلامي، كما تلقي العلم على يد والده وعلماء المذهب الزيدي والتحق الحوثي بكلية الشريعة في جامعة صنعاء وحصل منها على شهادة البكالوريوس في الشريعة والقانون. بعدها سافر إلى السودان ليعود من الخرطوم حاصلاً على ماجستير في علوم القرآن ولكنه في عام 2000م مزق شهادة الماجستير لقناعته بأن الشهادات الدراسية هي تعطيل للعقول. ويشهد له زملاؤه وأساتذته وأصدقاؤه بالذكاء والتفوق العلمي والتوسع في الدراسات الإسلامية والمذهبية، ويأخذون عليه تشدده لآرائه وأفكاره وتعصبه المذهبي.
وفي 1992م قرر الانخراط في العمل السياسي كمؤسس لحزب الحق المعارض الذي جري تأسيسه من قبل علماء ومثقفين ورجال قبائل ينتمون للمذهب الزيدي. وقد ساند الحزب الاشتراكي اليمني (الشريك في الحكم آنذاك) تأسيس حزب الحق في إطار حساباته السياسية وحرصه على إيجاد قوي سياسية باتجاه ديني لمواجهة التجمع اليمني للإصلاح ذي الاتجاه الإسلامي المعارض. وتراجع عن ترشيح نفسه في انتخابات عام 1997م لينصرف إلى الدعوة وإلى تأسيس منتدي الشباب المؤمن الذي استقطب العديد من المثقفين من المذهب الزيدي.
وبعد تأسيس تنظيم الشباب المؤمن تفرغ لإلقاء الدروس والمحاضرات بين مؤيديه وأنصاره، وكان يلقي هذه الدروس في البيوت أو في أماكن أخرى يتم استدعاؤه إليها، ويتم تسجيلها ثم تفريغها في ملازم ومطبوعات.
اعتمد في محاضراته على توصيل أفكار محددة يمكن حصرها بالتتبع أنها أقرب إلى الفكر التعبوي التحريضي منه إلى التزكية وإصلاح النفوس والعبادات والعلاقات الاجتماعية، وإن ورد شيء من ذلك فإنه يجعله مدخل لتعزيز الفكر التعبوي.
كان يتمتع بأسلوب جذاب في الطرح وبطريقة لم يعهدها شباب المذهب الزيدي من مشايخه الكبار ولذلك فقد سحر أتباعه واعتبروه هدية تنـزلت من السماء. وخلال سنوات تمكن من إقامة العشرات من المراكز التعليمية في كثير من المناطق والتي شهدت التحاق الألوف من الشباب معه. وقد أسعفه الحظ بجمهور يسمع ولا يناقش، ويطيع ولا يعترض، ومن المستوى الأقل ثقافة، تركوا له أن يفكر بعقولهم، وينطق بألسنتهم، أما هم فقد أجادوا فن الاصغاء، لأنهم نظروا إليه أنه كإمام معصوم لا ينطق عن الهوى، مؤيد بالعناية الالهية لأنه من سلالة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد رفض حسين الحوثي الحوار مع الحكومة، كما رفض مبادرات الوسطاء للعدول عن تشدده المذهبي قبل اندلاع المواجهات في صعدة.
كان حسين الحوثي يدرك أنه قادم على عمل تصادمي، فكان يوجه أتباعه للتدريب القتالي، ويبني التحصينات الدفاعية، ويحفر الخنادق ويشيد التحصينات في الجبال الوعرة التي تتميز بها صعدة تحسباً للحظة المواجهة، ولم يكن لين الجانب الحكومي معه ليثنيه عما هو مقدم عليه.
تزامن مع هذه الأحداث حدوث خلاف كبير جدّاً بين بدر الدين الحوثي وبين بقية علماء الزيدية في اليمن حول فتوى تاريخية وافق عليها علماء الزيدية اليمنيون، وعلى رأسهم المرجع "مجد الدين المؤيدي"، والتي تقضي بأن شرط النسب الهاشميّ للإمامة صار غير مقبولاً اليوم، وأن هذا كان لظروف تاريخية، وأن الشعب يمكن له أن يختار مَن هو جديرٌ لحكمه دون شرط أن يكون من نسل الحسن أو الحسين رضي الله عنهما. اعترض بدر الدين الحوثي على هذه الفتوى بشدَّة، خاصة أنه من فرقة "الجارودية"، وهي إحدى فرق الزيدية التي تتقارب في أفكارها نسبيّاً مع الاثنى عشرية. وتطوَّر الأمر أكثر مع بدر الدين الحوثي، حيث بدأ يدافع بصراحة عن المذهب الاثني عشري، بل إنه أصدر كتابًا بعنوان "الزيدية في اليمن"، يشرح فيه أوجه التقارب بين الزيدية والاثنى عشرية. ونظرًا للمقاومة الشديدة لفكره المنحرف عن الزيدية، فإنّه اضطر إلى الهجرة إلى طهران حيث عاش هناك عدة سنوات. وعلى الرغم من ترك بدر الدين الحوثي للساحة اليمنية إلا أن أفكاره الاثني عشرية بدأت في الانتشار، خاصة في منطقة صعدة والمناطق المحيطة، وهذا منذ نهاية التسعينيات، وتحديدًا منذ سنة 1997م، وفي نفس الوقت انشقَّ ابنه حسين بدر الدين الحوثي عن "حزب الحق"، وكوَّن جماعة خاصة به كما ذكرنا، وكانت في البداية جماعة ثقافية دينية فكرية، بل إنها كانت تتعاون مع الحكومة لمقاومة المد الإسلامي السُّنِّي المتمثل في حزب التجمع اليمني للإصلاح، ولكن الجماعة ما لبثت أن أخذت اتجاهًا معارضًا للحكومة ابتداءً من سنة 2002م.
اشتهرت جماعة حسين بدر الدين الحوثي في اليمن شعبياً بجماعة الحوثي، بيد أنها لدى الأوساط السياسية والفكرية والدوائر الأمنية تعرف بجماعة الشباب المؤمن، حيث ظهرت في اليمن تحت هذا المسمى وواضح أن للعنوان ارتباطا بأيديولوجيا دينية ذات بُعد تأريخي تليد، وامتداد جغرافي معاصر يسعى لتصدير فكرته، كما هو شأن أية أيديولوجيا، مع فارق بارز يكمن في أن خلف هذه الأيديولوجيا إمكانات دولة قامت من أساسها عليها.
وقد بلغ حسين الحوثي من المكانة في قلوب أتباعه شيئاً عجباً لما كان يسحرهم بفعله لا بقوله. لقد ضرب نموذجاً نادراً في خدمة الناس وحل مشاكلهم في أسرع وقت وبأسهل الحلول. أنشأ جمعية خيرية لدعم من لا يمتلكون رأس مال كافياً لإقامة مشاريع تجارية يقيمون بها أودهم. نظّم أمور الناس بشكل جميل وسلسل. كان يبتاع من سوق المنطقة ما فاض من السلع المعرضة للتلف كاللحم والطماطم وبسعر ربما أكثر من سعرها الأصلي. خدم المنطقة بشكل كبير في مجال المياه والخدمات الأساسية. كان يفي بأي وعد يقطعه على نفسه لأبناء المنطقة فيما يتعلق بالخدمات والمشاريع الأمر الذي أكسبه مصداقية عالية عند الأهالي وأكسبه احتراماً عميقاً في نفوسهم إلى الحد الذي جعلهم لا يصدقون أنه مات يوم قتل، إذ لا تعدم أن تجد من يقول: "لم يقتل سيدي حسين وإنما عرج به إلى السماء".
عندما قبض على الحوثي على خلفية تأييده لقيام ثورة الخميني في عام 1994م، وعلى إثر فشل الانقلابية على الوحدة اليمنية، اضطر بدر الدين الحوثي وابنه حسين إلى الهرب بعد انكشاف دورهما المؤيد للانفصاليين الاشتراكيين وتوجها إلى إيران حيث بقيا أشهر في مدينة (قم) قبل أن يغادرا باتجاه لبنان ويتخذا من الضاحية الجنوبية مقراً لهما وبقيا هناك حتى عودتهما إلى اليمن وانخراطهما مرة أخرى في العمل السياسي كنواب في البرلمان، ولاشك أن هذه المرحلة كانت الأهم والأخطر في الحياة السياسية لحركة التمرد الحوثي.
توسَّط عدد من علماء اليمن عند الرئيس علي عبد الله صالح لإعادة بدر الدين الحوثي إلى اليمن، فوافق الرئيس، وعاد بدر الدين الحوثي إلى اليمن ليمارس من جديد تدريس أفكاره لطلبته ومريديه. ومن الواضح أن الحكومة اليمنية لم تكن تعطي هذه الجماعة شأنًا ولا قيمة، ولا تعتقد أن هناك مشاكل ذات بالٍ يمكن أن تأتي من ورائها مظاهرات ضخمة للحوثيين وبداية الحرب. ولم يكن أحد يعترض على نشاطهم الديني الذي من خلاله تمكنوا من استقطاب آلاف الشباب إلى تنظيمهم "تنظيم الشباب المؤمن". وقد ساهمت الدولة بجهد كبير في إنعاش هذا التنظيم وإخراجه إلى حيز الواقع، وبالتالي لم تكن هناك مشكلة أمامهم في ممارسة نشاطهم الديني والثقافي ولا حتى السياسي لو أرادوا ذلك، ولولا الحرية الواسعة والدعم غير المحدود، الذي قدمته سلطات صنعاء لجماعة الشباب المؤمن في صعدة، لما كان للحوثيين كل هذا الصيت، وكل هذه الصولة والجولة.
تم فتح حسينية في صنعاء باسم حسينية الثقلين في حي "البليلي" فأرسلت السفارة العراقية أربع تحذيرات للحكومة اليمنية من هذه الحسينية وأنها نواة لتنظيم سياسي مناهض، لم تحمل الحكومة اليمنية الأمر محمل الجد. بعدها تم افتتاح عدد من المكتبات والتسجيلات ومؤسسات نشر تحمل أسماء شيعية مثل: الغدير، خم، كربلاء، النجف، وغيرها. تطور الأمر بعدها فأصبحت ترى لافتات وأقمشة تعلق تحمل عبارت دينية شيعية في بعض مناسباتهم. تطور الأمر أن هذه الحسينية صارت تضع عدداً من الكشكات في أماكن رئيسية في العاصمة تروج كتيبات ومطويات وأشرطة فاخرة وبأسعار زهيدة، كما قامن بإنزال كميات كبيرة من الشعارات المطبوعة على ملصقات فاخرة إلى الشوارع وتوزيعها، الأمر الذي يدلل على وجود دعم قوي لهذه الحسينية والتي تلتها حسينيات.
وكان للمدرسين العراقيين دور في إدخال الأفكار الشيعية الغالية إلى اليمن وكان حسين الحوثي يلتقي معهم في حوزات سرية تقام فيها الطقوس الاثنى عشرية ثم تطور فيما بعد وأصبح فكراً وتنظيماً.
نشأ زيدي المذهب في كنف والده أحد المراجع الدينية في المذهب الزيدي، والتحق حسين بدر الدين الحوثي بمدارس التعليم السنية في محافظة صعدة ودرس في المعاهد الدينية التي كانت حركة الإخوان المسلمين تديرها قبل أن تتحول إلى حزب سياسي عام 1990م هو "التجمع اليمني للإصلاح".
تلقى التدريس الابتدائي والثانوي في المعهد العلمي في محافظة صعدة الذي كان يدرس العلوم الشرعية والفقه الإسلامي، كما تلقي العلم على يد والده وعلماء المذهب الزيدي والتحق الحوثي بكلية الشريعة في جامعة صنعاء وحصل منها على شهادة البكالوريوس في الشريعة والقانون. بعدها سافر إلى السودان ليعود من الخرطوم حاصلاً على ماجستير في علوم القرآن ولكنه في عام 2000م مزق شهادة الماجستير لقناعته بأن الشهادات الدراسية هي تعطيل للعقول. ويشهد له زملاؤه وأساتذته وأصدقاؤه بالذكاء والتفوق العلمي والتوسع في الدراسات الإسلامية والمذهبية، ويأخذون عليه تشدده لآرائه وأفكاره وتعصبه المذهبي.
وفي 1992م قرر الانخراط في العمل السياسي كمؤسس لحزب الحق المعارض الذي جري تأسيسه من قبل علماء ومثقفين ورجال قبائل ينتمون للمذهب الزيدي. وقد ساند الحزب الاشتراكي اليمني (الشريك في الحكم آنذاك) تأسيس حزب الحق في إطار حساباته السياسية وحرصه على إيجاد قوي سياسية باتجاه ديني لمواجهة التجمع اليمني للإصلاح ذي الاتجاه الإسلامي المعارض. وتراجع عن ترشيح نفسه في انتخابات عام 1997م لينصرف إلى الدعوة وإلى تأسيس منتدي الشباب المؤمن الذي استقطب العديد من المثقفين من المذهب الزيدي.
وبعد تأسيس تنظيم الشباب المؤمن تفرغ لإلقاء الدروس والمحاضرات بين مؤيديه وأنصاره، وكان يلقي هذه الدروس في البيوت أو في أماكن أخرى يتم استدعاؤه إليها، ويتم تسجيلها ثم تفريغها في ملازم ومطبوعات.
اعتمد في محاضراته على توصيل أفكار محددة يمكن حصرها بالتتبع أنها أقرب إلى الفكر التعبوي التحريضي منه إلى التزكية وإصلاح النفوس والعبادات والعلاقات الاجتماعية، وإن ورد شيء من ذلك فإنه يجعله مدخل لتعزيز الفكر التعبوي.
كان يتمتع بأسلوب جذاب في الطرح وبطريقة لم يعهدها شباب المذهب الزيدي من مشايخه الكبار ولذلك فقد سحر أتباعه واعتبروه هدية تنـزلت من السماء. وخلال سنوات تمكن من إقامة العشرات من المراكز التعليمية في كثير من المناطق والتي شهدت التحاق الألوف من الشباب معه. وقد أسعفه الحظ بجمهور يسمع ولا يناقش، ويطيع ولا يعترض، ومن المستوى الأقل ثقافة، تركوا له أن يفكر بعقولهم، وينطق بألسنتهم، أما هم فقد أجادوا فن الاصغاء، لأنهم نظروا إليه أنه كإمام معصوم لا ينطق عن الهوى، مؤيد بالعناية الالهية لأنه من سلالة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد رفض حسين الحوثي الحوار مع الحكومة، كما رفض مبادرات الوسطاء للعدول عن تشدده المذهبي قبل اندلاع المواجهات في صعدة.
كان حسين الحوثي يدرك أنه قادم على عمل تصادمي، فكان يوجه أتباعه للتدريب القتالي، ويبني التحصينات الدفاعية، ويحفر الخنادق ويشيد التحصينات في الجبال الوعرة التي تتميز بها صعدة تحسباً للحظة المواجهة، ولم يكن لين الجانب الحكومي معه ليثنيه عما هو مقدم عليه.
تزامن مع هذه الأحداث حدوث خلاف كبير جدّاً بين بدر الدين الحوثي وبين بقية علماء الزيدية في اليمن حول فتوى تاريخية وافق عليها علماء الزيدية اليمنيون، وعلى رأسهم المرجع "مجد الدين المؤيدي"، والتي تقضي بأن شرط النسب الهاشميّ للإمامة صار غير مقبولاً اليوم، وأن هذا كان لظروف تاريخية، وأن الشعب يمكن له أن يختار مَن هو جديرٌ لحكمه دون شرط أن يكون من نسل الحسن أو الحسين رضي الله عنهما. اعترض بدر الدين الحوثي على هذه الفتوى بشدَّة، خاصة أنه من فرقة "الجارودية"، وهي إحدى فرق الزيدية التي تتقارب في أفكارها نسبيّاً مع الاثنى عشرية. وتطوَّر الأمر أكثر مع بدر الدين الحوثي، حيث بدأ يدافع بصراحة عن المذهب الاثني عشري، بل إنه أصدر كتابًا بعنوان "الزيدية في اليمن"، يشرح فيه أوجه التقارب بين الزيدية والاثنى عشرية. ونظرًا للمقاومة الشديدة لفكره المنحرف عن الزيدية، فإنّه اضطر إلى الهجرة إلى طهران حيث عاش هناك عدة سنوات. وعلى الرغم من ترك بدر الدين الحوثي للساحة اليمنية إلا أن أفكاره الاثني عشرية بدأت في الانتشار، خاصة في منطقة صعدة والمناطق المحيطة، وهذا منذ نهاية التسعينيات، وتحديدًا منذ سنة 1997م، وفي نفس الوقت انشقَّ ابنه حسين بدر الدين الحوثي عن "حزب الحق"، وكوَّن جماعة خاصة به كما ذكرنا، وكانت في البداية جماعة ثقافية دينية فكرية، بل إنها كانت تتعاون مع الحكومة لمقاومة المد الإسلامي السُّنِّي المتمثل في حزب التجمع اليمني للإصلاح، ولكن الجماعة ما لبثت أن أخذت اتجاهًا معارضًا للحكومة ابتداءً من سنة 2002م.
اشتهرت جماعة حسين بدر الدين الحوثي في اليمن شعبياً بجماعة الحوثي، بيد أنها لدى الأوساط السياسية والفكرية والدوائر الأمنية تعرف بجماعة الشباب المؤمن، حيث ظهرت في اليمن تحت هذا المسمى وواضح أن للعنوان ارتباطا بأيديولوجيا دينية ذات بُعد تأريخي تليد، وامتداد جغرافي معاصر يسعى لتصدير فكرته، كما هو شأن أية أيديولوجيا، مع فارق بارز يكمن في أن خلف هذه الأيديولوجيا إمكانات دولة قامت من أساسها عليها.
وقد بلغ حسين الحوثي من المكانة في قلوب أتباعه شيئاً عجباً لما كان يسحرهم بفعله لا بقوله. لقد ضرب نموذجاً نادراً في خدمة الناس وحل مشاكلهم في أسرع وقت وبأسهل الحلول. أنشأ جمعية خيرية لدعم من لا يمتلكون رأس مال كافياً لإقامة مشاريع تجارية يقيمون بها أودهم. نظّم أمور الناس بشكل جميل وسلسل. كان يبتاع من سوق المنطقة ما فاض من السلع المعرضة للتلف كاللحم والطماطم وبسعر ربما أكثر من سعرها الأصلي. خدم المنطقة بشكل كبير في مجال المياه والخدمات الأساسية. كان يفي بأي وعد يقطعه على نفسه لأبناء المنطقة فيما يتعلق بالخدمات والمشاريع الأمر الذي أكسبه مصداقية عالية عند الأهالي وأكسبه احتراماً عميقاً في نفوسهم إلى الحد الذي جعلهم لا يصدقون أنه مات يوم قتل، إذ لا تعدم أن تجد من يقول: "لم يقتل سيدي حسين وإنما عرج به إلى السماء".
عندما قبض على الحوثي على خلفية تأييده لقيام ثورة الخميني في عام 1994م، وعلى إثر فشل الانقلابية على الوحدة اليمنية، اضطر بدر الدين الحوثي وابنه حسين إلى الهرب بعد انكشاف دورهما المؤيد للانفصاليين الاشتراكيين وتوجها إلى إيران حيث بقيا أشهر في مدينة (قم) قبل أن يغادرا باتجاه لبنان ويتخذا من الضاحية الجنوبية مقراً لهما وبقيا هناك حتى عودتهما إلى اليمن وانخراطهما مرة أخرى في العمل السياسي كنواب في البرلمان، ولاشك أن هذه المرحلة كانت الأهم والأخطر في الحياة السياسية لحركة التمرد الحوثي.
توسَّط عدد من علماء اليمن عند الرئيس علي عبد الله صالح لإعادة بدر الدين الحوثي إلى اليمن، فوافق الرئيس، وعاد بدر الدين الحوثي إلى اليمن ليمارس من جديد تدريس أفكاره لطلبته ومريديه. ومن الواضح أن الحكومة اليمنية لم تكن تعطي هذه الجماعة شأنًا ولا قيمة، ولا تعتقد أن هناك مشاكل ذات بالٍ يمكن أن تأتي من ورائها مظاهرات ضخمة للحوثيين وبداية الحرب. ولم يكن أحد يعترض على نشاطهم الديني الذي من خلاله تمكنوا من استقطاب آلاف الشباب إلى تنظيمهم "تنظيم الشباب المؤمن". وقد ساهمت الدولة بجهد كبير في إنعاش هذا التنظيم وإخراجه إلى حيز الواقع، وبالتالي لم تكن هناك مشكلة أمامهم في ممارسة نشاطهم الديني والثقافي ولا حتى السياسي لو أرادوا ذلك، ولولا الحرية الواسعة والدعم غير المحدود، الذي قدمته سلطات صنعاء لجماعة الشباب المؤمن في صعدة، لما كان للحوثيين كل هذا الصيت، وكل هذه الصولة والجولة.
تم فتح حسينية في صنعاء باسم حسينية الثقلين في حي "البليلي" فأرسلت السفارة العراقية أربع تحذيرات للحكومة اليمنية من هذه الحسينية وأنها نواة لتنظيم سياسي مناهض، لم تحمل الحكومة اليمنية الأمر محمل الجد. بعدها تم افتتاح عدد من المكتبات والتسجيلات ومؤسسات نشر تحمل أسماء شيعية مثل: الغدير، خم، كربلاء، النجف، وغيرها. تطور الأمر بعدها فأصبحت ترى لافتات وأقمشة تعلق تحمل عبارت دينية شيعية في بعض مناسباتهم. تطور الأمر أن هذه الحسينية صارت تضع عدداً من الكشكات في أماكن رئيسية في العاصمة تروج كتيبات ومطويات وأشرطة فاخرة وبأسعار زهيدة، كما قامن بإنزال كميات كبيرة من الشعارات المطبوعة على ملصقات فاخرة إلى الشوارع وتوزيعها، الأمر الذي يدلل على وجود دعم قوي لهذه الحسينية والتي تلتها حسينيات.
وكان للمدرسين العراقيين دور في إدخال الأفكار الشيعية الغالية إلى اليمن وكان حسين الحوثي يلتقي معهم في حوزات سرية تقام فيها الطقوس الاثنى عشرية ثم تطور فيما بعد وأصبح فكراً وتنظيماً.
التسميات
حوثيون