تحرير الشهادات الطبية باللغة العربية.. جواز تقديم شهادات طبية بلغة أجنبية في حالة دفع الطرف المتمسك ضده بالشهادة بعدم قدرته على فهمها دون تعريب

عدم اشتراط تحرير الشهادات الطبية باللغة العربية:
لم يشترط القانون تحرير الشهادات الطبية باللغة العربية الأمر الذي فسح المجال لعمل قضائي يقبل الشواهد المحررة بلغة أجنبية.
وهو ما عرف معارضة من لدن بعض الفقه.
 لقد سار العمل القضائي المغربي على أنه يؤخذ  بالشهادات الطبية ولو كانت محررة باللغة الفرنسية.
وذلك كما جاء في إحدى حيثيات قرار لمحكمة الاستئناف بالرباط أيد حكما ابتدائيا اعتمد على عقد زواج مغربي مهاجر محرر باللغة الفرنسية.
بل إن المجلس الأعلى ذهب إلى أن "من حق المحكمة بل من الواجب عليها الرجوع إلى وثيقة قدمت لها بصفة قانونية لمعرفة مضمونها ما دامت قد آنست في نفسها القدرة على فهمها دون الاستعانة بمترجم، وما دام أن اللغة العربية إنما هي مطلوبة في المرافعات وتحرير المذكرات"، على اعتبار أن "الفصل الخامس من القانون رقم 3.64 الصادر بتاريخ 26/01/65 المتعلق بتوحيد المحاكم ينص على .. أن اللغة العربية هي وحدها لغة المداولات والمرافعات والأحكام ولم يتعرض الظهير في أي فصل من فصوله إلى تقديم الوثائق والمستندات المثبتة للحقوق باللغة العربية".
وهو نفس التوجه الذي تبنته بعض محاكم  الموضوع، كما تبناه أيضا فقه القضاء، الذي استند في رأيه على أن القاضي ترجمان التراجمة، وعلى أن المرافعة والمداولة والحكم التي ألزم القانون وجوب اعتماد اللغة العربية بشأنها هي مختلفة تماما عن وثائق ومستندات الدعوى.
لكن هذا الرأي عرف معارضة من لدن بعض الفقه الذي رأى فيه مخالفة  لمقتضيات الدستور الذي ينص على رسمية اللغة العربية، كما رأى فيه مخالفة للفصل الخامس من قانون 26 يناير 1965، على اعتبار أنه لا يمكن تصور مناقشة أطراف  الدعوى أو دفاعهم باللغة العربية لوثيقة محررة بلغة أجنبية دون تعريبها، كما لا يتصور أيضا مداولة القضاة فيما بينهم بشأن هذه الوثيقة دون تعريبها كذلك، وهو ما يمتنع عليهم جميعا من الناحية القانونية، لأنهم ليسوا تراجمة محلفين.
وأعتقد أنه ما دامت مقتضيات الفصل الخامس من القانون 3.64 المتعلق بتوحيد المحاكم قد قصرت اشتراط  اللغة العربية على المداولات والمرافعات والأحكام، وما دام فهم المتقاضين  والقضاة لمضمون الوثائق المقدمة بلغة أجنبية كاف لتمكينهم من المرافعة والمداولة بشأنها دون حاجة إلى تعريبها، فإن تقديم شهادات طبية بلغة أجنبية يكون جائزا إلا في حالتين هما: الحالة التي يدفع فيها الطرف المتمسك ضده بالشهادة بعدم قدرته على فهمها  دون تعريب، حيث يتعين إلزام المتمسك بها بذلك تحت طائلة تنحيتها من ملف الدعوى احتراما لحقوق الدفاع، والحالة التي لم يأنس فيها القضاة في أنفسهم القدرة على فهمها دون تعريب  وذلك حتى لا يقوموا بدور غير منوط بهم قانونا.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال