أزمة المياه على المستوى العالمي.. معاناة البشرية من نقص حاد في كمية المياه العذبة الصالحة للشرب والاستخدامات البشرية الأخرى

إن المياه العذبة تشكل نسبة ضئيلة من مجموع المياه الموجودة على سطح الكرة الأرضية، ولا تزيد هذه النسبة عن 3 % منها، ومعظم هذه المياه مخزونة في الكتل الجليدية في المناطق القطبية، وهذا يعني أن المياه العذبة ليست متوافرة بين يدي البشر.
ونحو 97 % من مياه الكرة الأرضية موجودة في مياه البحار والمحيطات وهي مياه مالحة، لذلك فإن مياه الينابيع والأنهار والبحيرات والمياه الجوفية، هي أهم موارد المياه العذبة.
وأحيانا فإن استغلال هذه المياه لا يخلو من الصعوبات، فالكثير من أنهار العالم لا يستغل بشكل جيد، وتضيع مياهها في البحار أو الغابات أو الأدغال دون أن تتحقق الفائدة المرجوة منها، في وقت تعاني البشرية من نقص حاد في كمية المياه العذبة الصالحة للشرب والاستخدامات البشرية الأخرى.
وتشير أحدث الإحصاءات إلى أن أكثر من مليار شخص في العالم  يعانون نقصاً حاداً في مياه الشرب النظيفة، كما أن حوالي نصف سكان العالم لا يزالون  يفتقرون إلى المياه الكافية لتوفير النظافة والصحة العامة وتعزيزها.
وبحسب بعض التقديرات فإنه في عام 2025 م، سوف يواجه نحو ثلثي عدد سكان العالم أزمات خطيرة من جراء نقص المياه النظيفة التي يحتاجونها.
وتعود هذه الأزمات إلى عدة أسباب أهمها تزايد الطلب على مصادر المياه العذبة بفعل تزايد أعداد السكان الكبير، وكذلك بسبب تلوث المياه، وزيادة الحاجة إليها في القطاع الزراعي والصناعي وغير ذلك.
وفي القرن العشرين تزايدت نسبة استهلاك المياه بشكل كبير، ويقدر أن هذه الزيادة سوف تستمر في هذا القرن.
وسيؤدي ذلك إلى تفاقم حدة التنافس على المياه بين مختلف قطاعات الحياة المنزلية والزراعية والصناعية.
وتشير الدراسات إلى أن حاجة العالم إلى المياه العذبة المستخدمة في هذه القطاعات سوف تفوق بحلول عام 2025 م كمية المياه المتوافرة بنسبة 5 %.
وسوف يزداد هذا الوضع المأساوي تفاقماً بسبب التغيرات المناخية التي يمكن أن تتعرض لها بعض مناطق العالم من جفاف أو من فيضانات مدمرة.
وفي الفترة الأخيرة، وبسبب الحاجة المتزايدة للمياه، فقد باتت النزاعات على مصادر المياه فتيلا يهدد بتفجير صراعات وحروب محلية وإقليمية، في الكثير من مناطق العالم، خصوصا على المياه المشتركة بين عدة دول.
ويتوقع الكثيرون أن يكون الماء لا النفط ولا السياسة محور الحروب والصراعات في هذا القرن.
ولكن البعض لا يرى ذلك، ويقترح أو يعول على أن تكون مشاكل المياه سببا للحوار والتعاون بين الدول والشعوب، ونحن نأمل ونتمنى ذلك.
وقد بحثت قضايا المياه في عشرات الندوات والمؤتمرات المحلية والإقليمية والدولية، منها مثلاً المؤتمر العالمي حول المياه والبيئة الذي عقد في عام 1992 في مدينة دبلن في ايرلندا، وكذلك المؤتمر الوزاري الدولي حول مياه الشرب وتعزيز الصحة العامة في هولندا عام 1994، والمؤتمر الأوروبي المتوسطي الأول حول الإدارة المحلية للمياه عام 1996.
وقد أكدت هذه المؤتمرات على الأهمية القصوى للمياه وضرورة ترشيد استخدامها وحمايتها وإظهار قيمتها، وحقوق الأجيال القادمة فيها.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال