إذا كان مفهوم الكفاية ارتبط في بداية ظهوره بمجالات التشغيل والمهن وتدبير الموارد البشرية في المقاولات، فإننا نلاحظ اليوم اتساع هذا المفهوم ليغطي كافة التغييرات التي ستصيب ليس فقط العمال والمهنيين في المقاولات، بل ورجال التعليم أيضا في المدارس ومن بينهم المشرفين التربويين، بل وحتى التلاميذ أنفسهم، فلم يعد مدخل الكفايات قاصراً على إعداد الأطر المهنية، بل سيتحول إلى أداة لتنظيم المناهج وتنظيم الممارسات التربوية في المنظومة التعليمية برمتها.
والحقيقة أننا نجد أن نفس المبررات التي يتم اعتمادها عادة في الدعوة إلى توظيف الكفايات في المجال المهني، تبقى صالحة لتبرير الدعوة لاعتماد هذا المدخل في الحقل المدرسي وفي إطار علم التدريس، خاصة وأن نموذج التدريس الهادف في صيغته السلوكية والإجرائية أصبح عاجزاً الآن على حل العديد من الإشكاليات العالقة في الحقل المدرسي.
فإذا كان الباحثون يؤكدون أهمية توافر مواصفات و سمات خاصة لشاغلي مختلف المهن ،فإن الأمر يزداد أهمية في المهن التي تتعلق بتربية النشء وتعليمهم وإعدادهم لمواجهة الحياة.
على أن الأمر في هذه المهن التربوية- التعليمية، لا يتوقف عند ذلك، بل يمتد ليشمل ضرورة وجود قيادات مؤهلة تشرف على تخطيط العمل وتنسيق جهود العاملين فيه، وتوجيهها نحو الأهداف المرسومة، والمشرف التربوي أحد القيادات التربوية التي تتولى مهام ومسؤوليات متعلقة بتطوير أداء المدرسين، ومن ذلك تأكيد الباحثين على ضرورة التشدد في انتقاء المشرف من خلال مراعاة توافر العديد من المواصفات والكفايات التربوية و المهنية وغيرها والتي سيكون همنا في هذه الدراسة محاولة رصدها وتنظيمها واقتراح سبل تطويرها واستخلاص في نهاية التحليل أسس نموذج متميز، نسميه نموذج الإشراف بالكفايات.
على أن الاعتراف بفعل التدريس كنشاط مهني متميز، يقود بالضرورة إلى مستوى آخر من التفكير في موضوع إعداد المدرسين وتأهيل المرشدين التربويين، وهو مستوى الجودة ومدى التمكن من الكفايات التي تسمح بإنجاز هذا النشاط على أحسن وجه، بحيث تتحول الكفايات إلى معايير لقياس وضبط الجودة في الأداء.
حيث يصبح التفكير في وضع مناهج لكليات التربية ومعاهد تكوين المعلمين وتخطيط برامج إعداد وتدريب المشرفين، مرتبطا بالتحديد الدقيق لنوع الكفايات التي يتطلبها النشاط المهني الذي تؤهل له تلك المناهج والبرامج. فنشأ ما أصبح يعرف بمدخل الكفايات في إعداد المعلمين وبشكل عام أطر التعليم. والذي يعني الانطلاق من الكفايات كأسلوب بل كاستراتيجية لتحديد مكونات مهنة التدريس و تحديد بالتالي أهداف وبرامج مؤسسات التكوين (تكوين المعلمين و تكوين المشرفين وغيرهم) بما يؤهلها للانتقال بالفعل إلى مستوى المراكز المهنية.
التسميات
إشراف بالأهداف والكفايات