عرفت برامج إعداد المعلمين العديد من التطورات، كان من أهمها اعتماد مدخل الكفايات بدلاً من اعتماد المعرفة كإطار مرجعي. أي اعتماد ما سيعرف "بالتدريس القائم على الكفايات"، (CBTE) Competency Based Teacher Education.
والتي أصبحت من أبرز ملامح التربية المعاصرة، خاصة لدى الجهات المسئولة عن تأهيل المعلمين ، والتي أصبح شغلها الشاغل إعداد معلمين أكفاء وتدريبهم وفق أحدث نظريات التعلم والتعليم. الأمر الذي جعل الكثير من المهتمين لا يتحدثون عن الكفايات إلا بربطها بالمعلمين.( الفتلاوي سهيلة ومحسن كاظم، 2003).
لقد كانت الكفايات في بادئ الأمر وبعد انتقالها من عالم المقاولات إلى عالم المدرسة، تعرف بارتباطها بالمهارات والقدرات المرغوبة والمطلوبة لدى المعلمين.
لكننا سنلاحظ أن هذا الانشغال سرعان ما انتقل إلى أصناف أخرى من أطر التربية والتعليم وفي مقدمتهم المشرفين، وهم أصلا من المعلمين. فازداد الاهتمام بتحديد كفايات المشرفين التربويين (الموجهين)؛ ولعل ذلك راجع في البداية إلى عدم وضوح مهامهم ووظائفهم، وتباين هذه المهام بين مشرف ومشرف وبين نظام ونظام.
فالدراسات التي تناولت الموضوع كانت محدودة اعتمدت كلها على تصورات الباحثين التربويين أو على تحليلهم لنظام إشرافي معين، أكثر من اعتمادها على مدخل متكامل أو إطار نظري فلسفي منسجم مع تكامل الاتجاهات المعاصرة في الإشراف، ولذلك جاء الحديث عن الكفايات في بادئ الأمر جزئيا ومبعثرا، ومرتبطا بوظائف محددة و بنظام تعليمي أو إشرافي محدد، لم يستوعب المهام والأدوار المتغيرة للمشرف التربوي.
ويمكن عرض بعض هذه الانشغالات فيما يلي:
1- أجرى جيرالد Gerald سنة 1973 دراسة بهدف التعرف على الكفايات اللازمة للعمل الإشرافي. وحددت هذه الدراسات أهمية الكفايات الرئيسية التالية:
- كفايات تتعلق بإتقان التقنيات المختلفة للإشراف.
- كفايات تتعلق بالعلاقات الإنسانية السليمة.
- كفايات إدراكية (القدرة على تصور المشكلات التربوية).
واتفقت هذه الدراسة في نتائجها مع دراسة هاريس و كينغ سنة 1974 مع إضافة كفاية أخرى تتعلق بحل المشكلات.
2- وأجرى أكوما Akoma سنة 1977، دراسة بهدف وضع برنامج تدريبي للمشرفين التربويين العاملين في المرحلة الثانوية.
أعد الباحث قائمة بخمس وخمسين كفاية فرعية وزعها على عينة عشوائية من 277 معلما ومديرا، اتفق المعلمون والمديرون على أهمية هذه الكفايات، وتم تصنيفها في المجالات السبعة التالية: العلاقات الإنسانية والاتصال - تطوير المناهج - الملاحظة والتحليل - الإدارة - التقويم - التربية المستمرة.
وفي مقابلة مع خمسة وعشرين مشرفا في مجال الإدارة العامة حول أفضلية الكفايات الفنية والإنسانية لعمل المشرف، أوضحت دراسة أكوما أهمية توفر الكفايات الفنية و الكفايات الإنسانية، لكنها أكدت على أن دراسة مقرر في العلاقات الإنسانية أكثر أهمية للمشرف من دراسة مقرر مرتبط بتقنيات العمل.
لقد أفاد الباحث من هذه المجموعة حيث زودته بقوائم كفايات، غير أن هذه القوائم كانت مرتبطة بتصورات الباحثين للإشراف الفعال أكثر من ارتباطها بفلسفة إشرافية معينة أو نموذج إشرافي معين.
3- في المملكة المغربية وعلى الرغم من وجود مؤسسة خاصة بإعداد المشرفين التربويين، وهي "المركز الوطني لتكوين المفتشين" والذي تم إنشاؤه بالرباط منذ أواخر السبعينات، فكان له الفضل في إعداد نخبة من الكفاءات التربوية، نقول على الرغم من ذلك لم يتم تخطيط وتنظيم كفايات المشرف التربوي في لوائح وقوائم مضبوطة في السنين الأولى من إنشاء المركز، وكان الحديث باستمرار وخاصة في الوثائق والمذكرات الرسمية ،عن اختصاصات ومهام المشرفين من مثل: - مهام التنشيط التربوي أو التكوين التربوي أو المراقبة التربوية...
لكن ذلك لم يمنع من حضور الكفايات واستهدافها ضمنيا أو بشكل صريح في مقررات ووحدات التكوين بهذا المركز. كما أصبحنا نلاحظ ازدياد الاهتمام لدى الباحثين المغاربة، بكفايات المشرف بشكل أكثر تنظيما وعنايتهم بوضع لوائح للكفايات المرغوبة لدى المشرف التربوي فوجدت صدى لدى بعض الباحثين من خريجي المركز ومن المؤطرين أنفسهم، من أمثال أحمد فريد درفوفي في كتابه عن "الإشراف التربوي". حيث يتحدث عن: المواصفات الأساسية للمشرف التربوي وعن أهم الكفايات المعرفية والتربوية لمدرس اللغة العربية و كفايات المشرف التربوي في مجال تطوير المناهج وغيرها من العناوين، بحيث يمكن من خلالها استشفاف ملامح نموذج لتصنيف كفايات المشرف التربوي سنعمل على استعراضه في الفقرات اللاحقة.
كما نجد لدى الجيلالي الدباجي، أستاذ علم النفس بمركز تكوين المفتشين بالرباط، مقترحا بتصنيف كفايات المشرف، يبنيه على تجميع وتحليل نتائج العديد من البحوث الميدانية التي أنجزت بالمركز. ويصنف الدباجي كفايات الإشراف التربوي إلى أربعة أصناف (كفايات رئيسة) وهي: - كفايات علمية/ معرفية- كفايات مهنية /تربوية - كفايات مهنية/ إدارية – كفايات اجتماعية /وجدانية.
4- شهد قطاع التعليم تطورات مهمة في مجال الإشراف التربوي منذ بداية السبعينات وحتى نهاية الألفية الثانية، بدأت بصدور الهيكل التنظيمي الجديد لوزارة التربية والتعليم في عام (1996) والذي شمل إحداث تغيير في مسمى دائرة الخدمات التعليمية بالمديريات العامة للتربية والتعليم بالمناطق التعليمية لتصبح دائرة الإشراف التربوي، بهدف الرقي بالإشراف التربوي في مختلف المواد التعليمية، ولتضطلع بالمهام الآتية:
1- تنظيم العملية الإشرافية في المناطق التعليمية.
2- ممارسة الإشراف التربوي على العملية التعليمة في كافة مدارس التعليم العام والخاص من خلال المشرفين الأوائل والمشرفين.
3- متابعة سلامة تطبيق المناهج وجودتها، وإعداد كل ما يلزم لرفع مستويات الطلاب.
4- تقديم الدعم الفني والمهني للمشرفين لمساعدتهم في أداء مهامهم.
5- الإشراف على وضع خطط أداء المعلمين والمشرفين وتقديم التغذية الراجعة حيالها.
6- متابعة المستجدات التربوية وإطلاع المشرفين عليها.
7- تحديد الاحتياجات التدريبية للمعلمين والمشرفين والمشاركة في إقامة المشاغل التدريبية وورش العمل اللازمة للإنماء المهني عند المشرفين والمعلمين.
التسميات
إشراف بالأهداف والكفايات