لقد أصبح لعلم الإحصاء أهميه بالغه في حياتنا الحديثة فصارت الإحصاءات مألوفة لدينا وتمثل جانبا مهما من المعلومات التي نطالعها كل يوم مثل جداول النقاط التي تحرزها أنديه كره القدم وتنشر في الصحف والمجلات والتقديرات الخاصة بالتنبؤات الجوية ومؤشرات البورصة وانجازات الحكومة في مجال الإسكان والتعمير والتغيرات التي تطرأ على أسعار العملات وأثمان السلع.
وربما يتساءل المرء عن أهميه الإحصاء بالنسبة لدارس علم الاجتماع أو علم النفس معتقداً أن الإحصاء موضوع يدخل في صميم تخصص التجاريين والاقتصاديين والواقع أن الباحث الاجتماعي والمتخصص في العلوم الاجتماعية بوجه عام يحتاج في كثير من الأحيان إلى استخدام الأرقام لكي يلخص ويعرض بها مجموعة من المشاهدات التي تتعلق بظاهرة يهتم بدراستها.
ففي كل مناسبة من هذه المناسبات سيحتاج الباحث أو الدارس إلى أداة من الأدوات الإحصائية لكي يستخدمها في تلخيص أفكاره والتعبير عنها بصورة محدده ومؤثرة.
فالعبارة التي مؤداها "لقد نجحنا في محو أميه 90%من العاملين الأميين بالمصنع" أقوى وأشد من العبارة التي مفادها: "لقد نجحنا فى محو أمية عدد كبير من العاملين الأميين بالمصنع": يحتل الإحصاء (أو الأساليب الإحصائية) أهميه خاصة في الأبحاث العلمية الحديثة، إذ لا تخلو أي دراسة أو بحث من دراسة تحليليه إحصائية تتعرض لأصل الظاهرة أو الظاهرات المدروسة فتصور واقعها في قالب رقمي، وتنتهي إلى ابرز اتجاهاتها وعلاقاتها بالظاهرات الأخرى.
إن دراسة الإحصاء أمر له فوائد كثيرة بالنسبة لدارسي العلوم الاجتماعية وخاصة بعد أن تفتحت أمامهم مجالات عمل كثيرة فى تنظيمات الشرطة والعلاقات العامة بالشركات ومراكز البحوث وغير ذلك من مجالات العمل المختلفة.
بل إن المعرفة بالإحصاء قد تفيد الإنسان على المستوى الشخصي فتكسبه مهارة التخطيط لحياته الاقتصادية الخاصة.
ولكن ينبغي أن نشير إلى أن النتائج التي تسفر عن تطبيق أداة إحصائية أو أكثر ليست نتائج قطعيه أو غير قابله للتمحيص والمراجعة.
فإذا كانت الأدوات الإحصائية تستطيع أن تعين المرء على وصف البيانات وتصميم التجارب وعلى اختبار العلاقات بين الأشياء والوقائع التي يهتم بها إلا أن ذلك لا يلغى بصيرته السوسيولوجية وخبرته المهنية.
وبعبارة أخرى، يقتصر دور الأدوات الإحصائية على توفير المؤشرات المبدئية التي تساعد الباحث على رفض أو قبول الفروض التي يقوم بدراستها في حدود درجه معينه من الثقة.
والإحصاء أيضا أداه لا تستخدم إلا في العثور على إجابات عن أسئلة تتصل ببيانات يمكن التعبير عنها بصيغ كمية.
وهناك في مجال العلوم الاجتماعية موضوعات لا حصر لها لا يمكن صياغة البيانات الخاصة بها في صورة كميه على نحو دقيق، ومن ثم لا يستطيع الباحث استخدام التحليل الإحصائي في دراستها.
من ذلك على سبيل المثال، دراسة التجربة الدينية بين جماعه المؤمنين بدين معين، إذ أن عدد مرات تردد المرء على المسجد أو على الكنيسة في الشهر ليس دليلا في حد ذاته على انه من الصالحين، ولكنه مؤشر مبدئي على الصلاح.
ومما يعكس أهميه علم الإحصاء أنها يستخدم في توجيه عمليه جمع البيانات وفي تفسير العلاقات التي تعكسها تلك البيانات.
ومن ابرز المجالات التي تستخدم فيها المعالجات الإحصائية إجراء المقارنة بين عديد من الأشياء في كثير من المناسبات.
ويمكننا القول أن الحياة الإنسانية سلسلة من المواقف التي يتخذ فيها الفرد قراره بناء على ما تسفر عنه المقارنة التي يجريها بين عديد من الاحتمالات وهذه المقارنة في جوهرها عمليه إحصائية تقترن بالقياس والتقييم والتقدير.
فنجاح الإنسان في حياته يتحدد وفق مقياس معين في ذهنه يقدر به هذا النجاح، وحرية الفرد في مجتمعه تقاس أيضا وفق معايير يتعارف عليها الأفراد في مجتمعهم.
وبعبارة أخرى، إن حياتنا تذخر بعمليات من القياس والتقدير الإحصائي فنحن علي سبيل المثال، عندما ننزل إلى السوق لشراء سلعة معينه، في موسم التنزيلات، نهتم وبطريقة لا شعورية بحساب ثمن هذه السلعة بالنسبة إلى إجمالي النقود التي فى حوزتنا ونقدر ما إذا كان الباقي من هذه النقود وسوف يكفينا حتى نهاية الشهر أم لا وما إذ كانت نسبة التنزيلات على السلعة حقيقية أو مزيفة... الخ في كل هذه العمليات الفكرية نحن نستعين بعمليات إحصائية ومقارنات مستمرة بين المواقف المختلفة.
فضلا عن ذلك، إن ما نطلق عليه ظاهرة اجتماعيه أو طبيعيه ما هو في الواقع إلا سلسله متكررة من الواقع التي يمكن رصد حدوثها المستمر عبر فترة من الزمن وبنفس الوتيرة بطريقه إحصائية.
التسميات
إحصاء