ضرورة التكامل بين التربية المدرسية واللامدرسية.. المدرسة تعالج التربية في ضوء فلسفة المجتمع علي أساس من الوضوح الفكري

تعتبر الخبرات التي تنظمها المدرسة تعبيرا عن خبرات أوسع وأشمل هي تلك الخبرات التي تعيش فيها الجماعة الكبيرة التي أنشأت المدرسة.

وعملية التشكيل الاجتماعي للفرد تعتبر شركة عامة بين المدرسة وغيرها من المؤسسات والجماعات الصغيرة التي يتفاعل فيها ويعيش في علاقاتها.

وتأثير المدرسة على الفرد بين مؤثرات أخرى كثيرة تحدث بالوعي أو باللاوعي في سياق حياة هذا الفرد قبل المدرسة وفي داخلها وفي خارجها والقصد يوجد وراء الأنشطة المختلفة التي تحدث في الدوائر الاجتماعية والمؤسسات الكثيرة التي ينتمي إليها هذا الفرد صغيرا كان أم كبيرا.

فهو يوجد مثلا خلال العلاقات الأسرية حينما يحرص الآباء علي تلقين أولادهم عادات وقيما معينة وعندما يخضع الناشئون لقوانين معينة باعتبارهم أعضاء في إحدى الأندية.

وعندما تهدف وسائل الإعلام من صحافة وإذاعة وتليفزيون إلى نشر فكرة أو التبشير برأي معين أو عقيدة اجتماعية معينة وكما يحدث في المؤسسات الدينية بشأن غرس بعض القيم والمبادئ الخلقية والروحية.

ومن هنا فالتربية ينبغي ألا تنقسم إلى مقصودة "وغير مقصودة" كما لا ينبغي أن تنفرد المدرسة "بالتربية المقصودة" دون غيرها من المؤسسات الأخرى.

وإنما يمكن التمييز بين هذا النوع من التربية الذي تقوم به المدرسة وذلك الذي يحدث للفرد خارجها فالمدرسة تعالج التربية  في ضوء فلسفة المجتمع علي أساس من الوضوح الفكري فترسم أهدافها وتتخذ من الوسائل الفنية والعلمية ما يمكنها من تحقيق هذه الأهداف تحقيقا متكاملا على مدى طويل.

ولتحقيق ذلك يخص المجتمع المدرسة بالفنيين من المدرسين والمربين الذين عليهم مواصلة هذه المسؤولية العلمية القومية.

غير أن المدرسة بقيامها بهذا العمل علي أسسه الاجتماعية والفنية والعلمية - لا تستطيع أن تحقق ما تقصد إليه في المدى البعيد إلا إذا توافر الوعي من جانب المؤسسات الأخرى بمسؤولياتها نحو تعزيز عمل المدرسة.

ومن ثم فإن التمييز لا يكون إلا علي أساس درجة ما يتوفر في  كل وسيط ثقافي من انتظام في التأثير الاجتماعي علي الفرد ممزوجا بفكر وعلم وتخصص وتوجيه هادف.

ومن هنا أيضا يحسن أن يكون التمييز بين هذه التربية التي تعالج الرد بالمدرسة فنسميها بالتربية المدرسية وتلك التربية التي تؤثر بها الوسائط  الثقافية الأخرى علي الفرد والتي نسميها بالتربية غير المدرسية.

وتصبح المشكلة من بعد ذلك هي كيفية اتساق هذين النوعين من التربية وتدعيم كل منهما للآخر وانتظام تأثيرها من أجل تحقيق النمو المتكامل للمواطن الفرد الأمر الذي يلقي علي المدرسة وظيفة جديدة هي وظيفة التنسيق بين أنشطتها واتجاهاتها وأنشطة واتجاهات الوسائط الأخرى والذي يلقي على هذه الوسائط أيضاً مسؤولية الوعي بما فيها من مؤثرات تربوية لا تقل خطراً عن مؤثرات المدرسة.

ومع كل ذلك فإن التربية المدرسية لا تستطيع أن تحقق أهدافها إلا من خلال التكامل بينها وبين التربية اللامدرسية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال