تمييز الخواطر من مهمات أهل المراقبة لنفي الصوارف عن القلوب.. الخواطر أربعة: رباني بلا واسطة، ونفساني، وملكي، وشيطان، وكل إنما يجري بقدرة الله تعالى وإرادته وعلمه

تمييز الخواطر من مهمات أهل المراقبة لنفي الصوارف عن القلوب فلزم الاهتمام بها لمن له في ذلك أدنى قدم، والخواطر أربعة: رباني بلا واسطة، ونفساني، وملكي، وشيطان، وكل إنما يجري بقدرة الله تعالى وإرادته وعلمه.
فالرباني لا متزحزح ولا متزلزل، كالنفساني، ويجريان لمحبوب وغيره، فما كان في التوحيد الخاص فرباني، وفي مجاري الشهوات فنفساني، وما وافق أصلا شرعيا لا يدخله رخصة ولا هوى فرباني وغيره نفساني. ويعقب الرباني برودة وانشراح والنفساني يبس وانقباض، والرباني كالفجر الساطع لا يزداد إلا وضوحا، والنفساني كعمود قائم إن ينقص بقي على حاله. وأما الملكي والشيطاني فمترددان. ولا يأتي الملكي إلا بخير، والشيطاني قد يأتي به فيشكل، ويفرق بأن الملكي تعضده الأدلة ويصحبه الانشراح ويقوى بالذكر وأثره كغبش الصبح وله بقاء ما.
بخلاف الشيطاني، فانه يضعف بالذكر ويعمى عن الدليل، وتعقبه حرارة ويصحبه شغل وغيار، وضيق، وكزازة في الوقت وربما تبعه كسل ويأتي من يسار القلب، والملكي عن يمينه، والنفساني من خلفه، والرباني مواجهة له. والكل رباني عند الحقيقة، ولكن باعتبار النسب فما عدى عنها نسب للأصل وإلا فنسبته ملاحظة للحكمة. ثم تحقيق هذا الأمر إنما يتم بالذوق، وقد قالوا: من عقل ما يدخل جوفه عرف ما يهجس في نفسه، والله سبحانه أعلم.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال