نشأة التأمين وتطوره.. دفع الأفراد في مصر القديمة اشتراكات أثناء حياتهم لضمان مصروفات التحنيط والدفن عند الوفاة

لقد تعددت آراء المؤرخين في تحديد نشأة التأمين واختلفت آرائهم في ذلك.
وبذلك يمكن بلورة بعض من تلك الآراء على نحوٍ يمكن من خلاله تكوين صورة واضحة عن بداية التأمين وكيفية تطوره مواكبة للتطورات الاقتصادية.
فمن قديم الزمان لم تكن هناك سفن بحرية ولذلك لم يكن يوجد هناك تأميناً بحرياً.

وقد قام المصريين بتكوين جمعيات لدفن الموتى في ظل اعتقادهم بأن الانتقال إلى حياة أخرى بعد الموت، تتطلب تهيئة الشخص لذلك بما يمكن الحفاظ على الجسد لسهولة عودة الروح إليه.

ووفقاً لذلك فقد كان الأفراد يدفعون اشتراكات أثناء حياتهم لضمان مصروفات التحنيط والدفن عند الوفاة.

كما يذكر (ابن خلدون) أن العرب عرفوا تأمينات الممتلكات في أكثر من صورة. ففي رحلتي الشتاء والصيف كان أعضاء القافلة يتفقون فيما بينهم على تعويض من ينفق له جمل أثناء الرحلة.

ويتم ذلك من الأرباح التي يحققها الفرد في الرحلة أو بنسبة من رأس المال الذي يملكه في الرحلة، كما كانوا يفعلون ذلك في التجارة التي تبور عند نفوق الجمل وبنفس الطريقة.

أما الدكتور / سليمان بن ثنيان فإنه يحدد النواة الأولى للتأمين إلى القرض البحري الذي وجد مع نهاية القرن الثاني عشر الميلادي (السابع الهجري) والذي فيه يقوم أحد أفراد التجار بإقراض صاحب سفينة ما  يعزم بها الإبحار بما يقابل قيمتها وشحنتها، وذلك نظير فوائد عالية جداً، فإن وصلت السفينة سالمة إلى الميناء المقصود رد صاحب السفينة القرض مع فوائده إلى التاجر، وإن هلكت دون ذلك ضاع القرض على التاجر, وأصيب بخسارة عظيمة.

وفي هذا النوع يبرم الطرفان عقداً يبين نوع الخطر ويحدد القيمة والشروط الواجب توافرها، كما أن التاجر يتحمل قيمة السفينة وما عليها إذا تلفت قبل الوصول إلى الميناء المحدد، وتلفها لا يضر بصاحبها كما في التأمين.

كما أن التأمين يعتمد على قانون الأعداد الكبيرة والاحتمالية كما أن ما يدفعه صاحب السفينة إلى التاجر من فوائد عالية هي بمثابة القسط  وهذه العملية لا تتم إلا عند وجود الخطر سبب التأمين.

 وأما التأمين البحري فيعده البعض أول أنواع التأمين والذي ظهر في القرن الرابع عشر الميلادي، وأما التأمين البري فقد ظهر في إنجلترا عقب الحريق الذي شهدته لندن عام 1666م.

وأما التأمين على الحياة فقد ظهر في القرن الثامن عشر الميلادي.
وأما التأمين على حوادث العمل فقد ظهر عقب الثورة الصناعية.
وأما التأمين على المسؤولية فكان ظهوره في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي.

وبذلك يمكن القول بأن التأمين قد جاء وظهر مواكباً للتطورات الاقتصادية التي خلفت زيادة وتنوع في المخاطرة وبالتالي زيادة وتنوع في التأمينات التي تأتي تلبية لتلك التطورات وذلك التنوع في المخاطر والتي على إثرها تعددت وتزايدت شركات التأمين وزاد اهتمامها بالأرباح كما يمكن القول بأن هذا العصر هو عصر التأمينات كما ذهب إلى ذلك الدكتور/ سليمان بن ثنيان.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال