حقيقة الجن وصفاتهم.. الخلق من النار. الأماكن الخالية. الخوف من الإنس. الانتشار في جنح الليل. التناكح والتناسل. استراق السمع لإعانة شياطين الإنس من السحرة. عدم ظهورهم على صورتهم الحقيقية إلا لنبي

 الجن عالم من العوالم، واسم للنوع الذي خلقه الله يأتي تحته لقب وهو الشيطان الذي شطن وابتعد عن الحق، فكل شيطان جني وليس كل جني شيطان، والملائكة يفعلون ما يؤمون ولا يعصون الله أبداً، والإنسان يتسم بالظهور للعيان، وكل منهم قد ذكره الله في القرآن ثماني وثمانين مرة، وهذا من إبداع العدد.

ومن صفات الجن:

1 ـ أنهم خُلقوا من نار:
قال الله تعالى: (والجانَّ خلقناه من قبل من نار السموم)، وقال: (وخلق الجانَّ من مارجٍ من نار)، وقال رسول الله (ص): "خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم".
وكما تحولت طبيعة الإنسان الطينية إلى نوع يخلق من ماء مهين، فإن الجن التي خُلقت من نار ليست الآن ناراً، بدليل ما رواه النسائي بإسناد صحيح عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله (ص) كان يصلي فأتاه الشيطان فأخذه فصرعه فخنقه، قال رسول الله (ص): "حتى وجدت برد لسانه على يدي".
فتبين أن الجن الآن ليست ناراً، إذ لو كانت ناراً لما وجد رسول الله (ص) للسان الشيطان برداً.

2ـ أنهم أصناف ثلاثة:
لقول رسول الله (ص): "الجن ثلاثة أصناف، صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء، وصنف حيات وعقارب، وصنف يحلُّون ويظعنون".

3ـ أنهم يفضلون الأماكن الخالية، ومنهم من يقطن المزابل والقمامات والخلاء والشقوق والجحور وأعطان الإبل، كما ثبت في أحاديث صحيحة.

4ـ أنهم يخافون من الإنس:
قال مجاهد: إنهم يهابونكم كما تهابونهم.
وقال: الشيطان أشد فَرَقاً ـ خوفاً ـ من أحدكم منه، فإن تعرض لكم فلا تَفرُقوا ـ تخافوا ـ منه فيركبكم، ولكن شدُّوا عليه فإنه يذهب".

5ـ إنهم ينتشرون في جنح الليل:
لقول رسول الله (ص): "إذا كان جنح الليل فكفوا صبيانكم، فإن الشياطين تنتشر حينئذٍ، فإذا ذهب ساعة من الليل فحلُّوهم، وأغلقوا الأبواب واذكروا اسم الله.."

6ـ إنهم يأكلون ويشربون:
لقول رسول الله (ص): "فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله"
وطعامهم كما قال عبد الله بن مسعود: " قدم وفد الجن على النبي (ص) فقالوا: يا محمد إنهَ أمتك أن يستنجوا بعظم أو روثة أو حُمَمَة، فإن الله تعالى جعل لنا فيها رزقاً، فنهى النبي (ص) عن ذلك". والحممة: الفحمة.

7ـ يتناكحون ويتناسلون ولهم ذرية:
قال الله تعالى" (أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني).
وقال مجاهد: هم ذريته، هم الشياطين.

8 ـ منهم المسلم والكافر والصالح والفاسد:
قال الله تعالى: (وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قدداً) أي جماعات متفرقين وأصنافاً مختلفة.
وقال مجاهد: مسلمين وكافرين.
وقال تعالى: (وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشداً وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً).

9ـ محاولة الشياطين منهم استراق السمع لإعانة شياطين الإنس من السحرة:
قال رسول الله (ص): "تلك الكلمة من الجن يخطفها الجني، فيقرها في أذن وليه قرَّ الدجاجة فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة".
وهذا دليل على أن منهم من يكذب الكذب العظيم.

10ـ أنهم لا يعلمون الغيب: قال تعالى: (قلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خرّ تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين).
فلو علموا الغيب لعلموا بموت سليمان عليه السلام.

11ـ عدم ظهورهم على صورتهم الحقيقية إلا لنبي، قال الشافعي: "من زعم أنه رأى الجن فلا تقبل له شهادة إلا أن يكون نبياً"، فمن قال رأيت الجني الأزرق أو الأحمر فقد كذب، وإنما يكون إتيانهم في صورة بشر، وقد كان يوم بدر عندما تمثل إبليس في صورة رجل، وكما تمثل الشيطان في صورة رجل حين جاء لأبي هريرة كما في البخاري.

12ـ إتيانهم في صورة الكلب الأسود والحيات التي تلازم البيوت، وصور الهوام وهي الحشرات الضارة.
وقد قال رسول الله (ص): "الحيات مسخ الجن، كما مسخت القردة والخنازير من بني إسرائيل".

13ـ أنهم يؤذون الإنسان إما لكونه قد تعرض لهم بالأذى فآذاهم بصب ماء حار عليهم، أو ببوله عليهم فينتقمون، وإما مجرد الظلم كما يظلم الإنسان أخاه الإنسان.
وقد ثبت ايذاء الجن للإنسان بحديث الشاب الأنصاري الذي طعن الجن المتمثل في صورة حية، فما ماتت الحية حتى انتقم منه الجن فقتلوه حتى قال أبو سعيد الخدري: "لم يُدرَ أيهما كان أسرع موتاً من صاحبه الحية أم الفتى".
وكفى بحادثة الأنصاري في صحيح مسلم دليلاً.

14ـ أنهم يسكنون بيوت الإنس كما ثبت في حديث الفتى الأنصاري:
أنه وجد جناً في بيته بصورة حية. إلا أن سكن الجن في البيوت في الواقع أمر يختلط فيه الحق بالباطل، إذ يستغل بعض الناس القضية لإشاعة كاذبة يروجونها على بيت بقصد رد البائع عنه، من قِبل الورثة مثلاً.

والإنسان قد يستخدم الجن إما للخير وإما للشر، فمن استخدمه بما أمر الله به ورسوله (ص)، فهذا من أفضل أولياء الله كسليمان ويوسف وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم جميعاً.
ومن استعمله فيما ينهى الله عنه ورسوله (ص)، فحكمه على قدر ذنبه، فمن استخدمه بالقتل لمعصوم الدم، أو العدوان على الناس كتمريضهم والتفريق بين المرء وزوجه فقد كفر.
وليعلم القاصي والداني أن كثيراً ممن يستخدم الجن لا يستخدمه إلا بعد دفع الثمن. والثمن أن يخرج الجني الإنسان من الإسلام. إما بأن يأمره بكتابة كلام الله في النجاسة كالدم والبول، وإما بقلب حروف كلام الله، وغير ذلك من الكفريات.
أعاذنا الله من شياطين الإنس والجن، ومن الخبث والخبائث، ومن شر ما خلق، ومن شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال