حقيقة السحر وتأثيره في الواقع.. الأدلة من القرآن والسنة. للسحر تأثير في القلوب بالحب والبغض والجمع والفرقة والقرب والبعد

قال النووي: "والصحيح أن له حقيقة، وبه قطع الجمهور، وعليه عامة العلماء، ويدل عليه الكتاب والسنة الصحيحة المشهورة".

أولاً- الأدلة القرآنية:

1ـ قال الله تعالى: (ولما جاءهم رسول.... لو كانوا يعلمون).
قال الشوكاني: "في إسناد التفريق إلى السحرة وجعل السحر سبباً لذلك دليل على أن للسحر تأثيراً في القلوب بالحب والبغض والجمع والفرقة والقرب والبعد".
وفي قوله: (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله). تعليق للأثر بمشيئة الله.
قال سفيان الثوري: "إلا بقضاء الله".
وقال محمد بن إسحاق: "إلا بتخلية الله بينه وبين ما أراد".
وقال الحسن البصري: "نعم من شاء الله سلطهم عليه، ومن لم يشأ الله لم يسلط ولا يستطيعون من أحد إلا بإذن الله". 

2ـ قال تعالى: (قل أعوذ برب الفلق....العقد)، ولولا أن السحر له حقيقة لما أمر الله بالاستعاذة منه.
ومن ثم فإن النفاثات هنَّ الساحرات اللاتي ينفثن في عقد الخيط حين يرقين بها.

ثانياً- الأدلة من السنة:

1 ـ روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله (ص): "اجتنبوا الموبقات: الشرك بالله والسحر".
قال الحافظ: "والنكتة في اقتصاره على اثنتين من السبع هنا الرمز إلى تأكيد أمر السحر".

2 ـ روى البخاري في صحيحه عن عائشة قالت: سحر رسول الله (ص) رجلٌ من بني زُريق يقال له لبيد بن الأعصم، حتى كان رسول الله (ص) يُخيَّلُ إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله، حتى إذا كان ذات يوم ـ أو ذات ليلة ـ وهو عندي، لكنه دعا رسول الله (ص) ثم دعا، ثم دعا، ثم قال: يا عائشة، أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه، أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ فقال: مطبوب، قال: من طبّه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطة، وجف طلع نخلة ذكر، قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذروان. فأتاها رسول الله (ص) في ناس من أصحابه، فجاء فقال: يا عائشة، كأن ماءها نقاعة الحناء وكأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين، قلت: يا رسول الله أفلا استخرجته، قال: قد عافاني الله، فكرهت أن أثير الناس فيه شراً، فأمر بها فدفنت".
وفي رواية مسلم: قال: "فقلت: يا رسول الله ألا أحرقته".
والمعنى أنَّ اليهود اتفقوا مع لبيد بن الأعصم على سحر رسول الله (ص) من خلال شعرات تساقطت من رأسه ولحيته عند ترجيلهما تم الحصول عليها من خلال جارية صغيرة كانت تذهب إلى بيوت النبي (ص)، فعقد عليها سحراً وضع في بئر ذروان، فكان النبي (ص) يخيل إليه أنه يستطيع أن يجامع إحدى زوجاته فإذا اقترب منها لم يستطع ذلك، فدعا النبي (ص) ربه وألحّ في الدعاء فاستجاب الله دعاءه وأنزل ملكين أعلماه أنه سحر فأمر (ص) باستخراج السحر ودفنه، وفي بعض الروايات حرقه، وقد كان هذا النوع من السحر من نوع عقد الرجل عن زوجته ولم يمس عقله ولا سلوكياته ولا تصرفاته.
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله: "وقد دل قول الله تعالى: ومن شر النفاثات في العقد، وحديث عائشة رضي الله عنها على تأثير السحر وأنَّ له حقيقة".
أحدث أقدم

نموذج الاتصال