الآثار السلبية للتأمين التجاري.. خسارة اقتصادية. إنهاك الأموال بنزيفها خارج البلاد. عجز بعض المشاريع عن القيام بسبب التكلفة التأمينية. التأمين للأغنياء دون الفقراء

قد يعتقد البعض أن التأمين كله إيجابي وليس من شي فيه يدعو للحكم بسلبيته والنظر إليها كما أن الأخذ بما يأتي به الأخر بمجمله الضار منه والنافع قد أدى إلى عدم مناقشة الكثير في الكتاب والمؤلفين الآثار السلبية للتأمين التجاري في الحية الاقتصادية والاجتماعية بإستثناء الدكتور/ سليمان بن ثنيان  والذي تتطرق إلى ذلك في مبحث كامل من مؤلفه وهو ما اضطررنا إلى عرضه لأهميته، وكذلك الشيخ/ فيصل مولوي فقد لخص تلك السلبيات والمساوئ الكثيرة والمتعددة في الأمور الآتية:

1- التأمين خسارة اقتصادية:
وذلك لإن الكثرة الكثيرة هي الجماعة الخاسرة في عملية التأمين والمقابل هناك قلة قليلة هي الرابحة، وذالك لإن أموال كثيرة توضع في صندوق التأمين دون سبب حقيقي لهذا التعرف.

وبالتالي بأن القليل ممن حدث لهم الخطر هم من يستفيد من تلك الأموال وذلك عند زيادة مبالغ التعويض عن الأقساط التي دفعوها فقط، ولربما كانت تلك التعويضات من عائدات استثمار تلك الأقساط.

وبذلك يمكن استخلاص المعادلة الآتية:
مجموع ما يدفعه المؤمن لهم = أرباح الشركة + مصاريفها + التعويضات.
وبذلك يتضح جلياً حجم  الخسارة المترتبة على التأمين.

2- إنهاك الأموال بنزيفها خارج البلاد:
إن الشركات الكبرى المصدرة للتأمين هي المستفيدة  الأكبر من التأمين كما أن شركات إعادة التأمين التي تمتص أقساط التأمين العالمية إليها مقابل عمولات وفوائد على تلك الأقساط تمثل خسارة اقتصادية كبيرة في رحيل الأموال الوطنية إلى الخارج.

وتلك الخسارة تكون في رحيل الأموال الوطنية إلى الخارج من جهة وارتفاع الأقساط نتيجة عمولات شركات إعادة التأمين وفوائدها بالإضافة إلى عمولات الشركات المحلية ومصاريفها من جهة أخرى، وذلك يمثل إنهاكاً للاقتصاد وخسارة كبيرة كان يمكن استغلالها داخلياً باستثمارها أو بقاءها بأيدي الشركات المحلية. كما أنها تمثل نزوحاً للعملات الصعبة إلى الخارج.

3- عجز بعض المشاريع عن القيام بسبب التكلفة التأمينية:
وذلك في ظل القوانين الصارمة التي توجب تأمين المشروعات من جميع الأخطار ما يمثل تكديساً لتلك الأموال وتفلتها بدل استغلالها في بناء المشروع.
كما أن الأقساط التأمينية المرتفعة تزيد من حدة ذلك فضلاً عن إعادة التأمين.

4- الإغراء بإتلاف الأموال عدواناً:
 إذ ما تعاظمت  الأقساط المدفوعة  بنظر الفرد دون وقوع الخطر المؤمن ضده وضمان لعدم خسارة تلك الأقساط وتفرد الشركة  ‌‌‌‌‌‌‌‌التأمينية بها قد يسعى الفرد إلى تعمد افتعال الخطر بنفسه لضمان استرداد تلك الأموال التي دفعها إذا ما رأى عدم وجود أي حق لخسارتها ومثل هذا الفعل يعد خسارة على اقتصاد الأمة وتعطيلاً لمصالحها.

5- تكدس الأموال في أيدي قلة من الناس:
 ويتمثل ذلك في انقسام المجتمعات إلى طبقة قليلة من الأغنياء وطبقة كثيرة من الفقراء مما يؤدي إلى تسلط تلك القلة وتحكمهم في مصير الكثرة.

كما أن ذلك ينافي مبدأ عدالة التوزيع للمال الذي جاء به الإسلام بقوله تعالى {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ}. الحشر7.
كما أن ذلك يعد تعطيلاً للمصالح ووسيلة للتسلط والاستعباد بالمجتمع.

6- التسبب في كثير من الجرائم:
وذلك يحدث فيما أذا كان للمستحقين مبالغ التأمين بعد أصحابها فقد يدفعهم ذلك إلى ارتكاب جرائم قتل وبتر ومنكر في حق أولئك حرصاً على تعجيل فنائهم فقد يقدمون على تفجير الطائرة وحرقا السفينة وقتل الإنسانية وهكذا مما يخلف أضراراً بالمصالح العامة ويعد جناية تستحق العقاب.

7- التأمين للأغنياء دون الفقراء:
ويحدث ذلك عندما لا يستطيع الفقراء دفع أقساط التأمين بل إنهم قد يتركون حاجاتهم الضرورية بسبب عدم قدرتهم على تكاليف التأمين.

إضافة إلى أن الفقراء هم الأكثر تعرضاً للمخاطر المتعلقة بالأشخاص والممتلكات وكذلك المسؤوليات لأنهم لا يستطيعون توفير العناية الصحية بأنفسهم مثلاً ولا ادخار مبالغ لأسرهم بعد وفاتهم، وكذلك أموالهم هي الأكثر تعرضاً للاعتداء والسطو  وكذا أخطائهم التي  لا يستطيعون سدادها.

8- إبطال حقوق الآخرين:
ويحدث ذلك في أن شركات التأمين تستخدم أشهر المحامين مقابل مبالغ مالية ليتولوا الدفاع عنها بالحق أو الباطل.

كما أنها تستميل الأطباء المقررين وقضاة المحاكم وكل من له أثر في تقرير الحوادث مقابل التخلص من دفع التعويضات الكبيرة المستحقة للأفراد الذين تعرضوا للأخطار المؤمن ضدها.

9- إفساد الذمم:
وذلك في حالة النص أن على المؤمن له أخفاء أخطائه  قبل الغير والتي تسببت في إلحاق الأضرار بهم.

كما أن ذلك يؤدي إلى إطالة القضايا المنظورة في المحاكم حتى التخلص من التزاماتهم أو حتى التمكن من استثمار تلك المستحقات وسداد التعويضات المستحقة من الأرباح الناجمة عن استثمارها.

10- ضياع المحافظة الفردية على الممتلكات:
وذلك في إهمال  المؤمن لهم بأنفسهم وممتلكاتهم ركونا على التأمين.

11- تخويف الناس والتغرير بهم:
حيث تستغل الشركات مخاوف الأفراد من المستقبل المجهول وتقوم بتجسيمها أمامهم وتعظيمها فى أعينهم.

12- سلب الناس القدرة على مواجهة الحياة:
حيث يؤدى ذلك إلى هروب الأفراد من تحمل مسؤولياتهم الحياتية ومجابهة أدنى المخاطر.

13- ضياع الروابط وتفكك المجتمع:
وذلك بالقضاء على تبا دل المنافع وإغاثة المعوزين وتكافل المجتمع والإتيان بالتأمين عوضاً عنها كما أن ذلك يعد أخذاً للأموال دون وجه حق في ذلك إضافةً إلى أن ذلك يعد معصية لله ورسوله (ص) في التعامل بما يقو م على الربا والرهان و القمار.

أما الدكتور  / فيصل مولوي فإنه يضيف وتحت عنوان نتائج شيوع التأمين التجاري:

1- إن التأمين التجاري يعني تحويل مقادير كبيرة من الأموال من أيدي الفقراء والمتوسطين  يقتطعونها من حاجاتهم الضرورية ويدفعونها للشركات ليزداد الأغنياء المحتكرون بها غنىً وترفاً واستغلالاً للناس.

وينتج عن ذلك فقدان التوازن والعدالة بين مختلف فئات الأمة الواحدة وعدم تكافؤ الفرص الذي يؤدي إلى  تأصيل جذور الصراع الطبقي داخل الأمة الواحدة الذي تسعى الأنظمة الرأسمالية والشركات العالمية إلى  تأجيجه.

2- تكريس استمرار الأنظمة الفاسدة في التسلط على رقاب الناس عن طريق ستر عوراتها وسد ثغراتها لأنها فرطت بواجب الأمان للناس وبالتالي يجب أن تفضح.

ويتبع ذلك بشكل تلقائي تكر يس الحلف الشيطاني بين الحاكمين والمحتكرين لامتصاص دماء الفقراء واحتكار (الأمان).
كما يقوم المحتكرون بدعم الحكام بالمال اللازم للبقاء في السلطة وللقيام بالمشاريع التي تمتص النقمة وترضي الجماهير بالقليل لتسكت عن المطالبة بالكثير.

ورغم كل ما سبق نرى الإقبال المتزايد على التأمين الوافد وأفواج المتزاحمين عليه وقد يكو ن ذلك عذراً لو لم يكن هناك البديل الإسلامي الذي به يرضى المستأمن ربه - سبحانه - ويرضي ضميره ويجنب نفسه الشبهة والوباء.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال