مبادئ اللغة عند دي سوسير: الثورة السوسيرية في علم اللسانيات وتأثيرها على دراسة اللغة

فرديناند دي سوسير: أبو اللسانيات الحديثة ورؤيته الثورية للغة

يعتبر فرديناند دي سوسير أحد أهم اللغويين في القرن العشرين، وقد أحدث ثورة في دراسة اللغة من خلال طرحه لمجموعة من المفاهيم والمبادئ التي شكلت الأساس لعلم اللسانيات الحديث. في هذا المقال، سنتناول أهم أفكار دي سوسير حول اللغة، وكيف غيرت نظرتنا إليها.

اللغة كنظام رمزي اجتماعي:

• اللغة كرمز: يرى دي سوسير أن اللغة هي نظام من الرموز، حيث يمثل كل رمز (كلمة) فكرة أو معنى. هذه العلاقة بين الرمز والمعنى هي علاقة تعسفية، أي لا يوجد سبب منطقي لربط صوت معين بمعنى معين.
• اللغة كظاهرة اجتماعية: يؤكد دي سوسير على أن اللغة ليست ملكًا فرديًا، بل هي ظاهرة اجتماعية تنتقل من جيل إلى آخر. اللغة تتطور وتتغير باستمرار نتيجة التفاعلات الاجتماعية.
• اللغة كنظام ديناميكي: يرى دي سوسير أن اللغة ليست ثابتة، بل هي في حالة تغير مستمر. تتأثر اللغة بالعوامل الاجتماعية والثقافية والتاريخية.

اللغة والكلام: ثنائية أساسية

• اللغة (Langue): هي النظام المجرد للقواعد والقوانين التي تحكم اللغة. وهي مشتركة بين جميع المتحدثين بلغة ما.
• الكلام (Parole): هو الاستخدام الفعلي للغة في مواقف التواصل المختلفة. الكلام يختلف من شخص لآخر ومن موقف لآخر.

السانكرونية والدياكرونية: منظورين لدراسة اللغة

• السانكرونية: هي دراسة اللغة في لحظة زمنية معينة، أي دراسة نظام اللغة في حالة من الثبات النسبي.
• الدياكرونية: هي دراسة التغيرات التي تطرأ على اللغة بمرور الزمن.

أطروحة تعسف العلامة:

تعتبر هذه الأطروحة من أهم مساهمات دي سوسير. فهي تؤكد على أن العلاقة بين الدال (الصوت) والمدلول (المعنى) هي علاقة اعتباطية وليست طبيعية. أي أن اختيار صوت معين لتمثيل معنى معين هو أمر تعسفي يتفق عليه المتحدثون.

أهمية أفكار دي سوسير في علم اللسانيات:

• تأسيس علم اللسانيات كعلم مستقل: ساهم دي سوسير في تأسيس علم اللسانيات كعلم له منهجية خاصة وأسس نظرية.
• تغيير نظرتنا للغة: غيرت أفكار دي سوسير جذريًا نظرتنا للغة، حيث انتقلت من كونها مجرد أداة للتواصل إلى كونها نظامًا معقدًا ومتطورًا.
• تأثيرها على العلوم الأخرى: أثرت أفكار دي سوسير على العديد من العلوم الأخرى مثل علم النفس، وعلم الاجتماع، وعلم الأنثروبولوجيا.

الخلاصة:

أفكار فرديناند دي سوسير حول اللغة شكلت نقطة تحول في تاريخ علم اللسانيات. وقد قدم لنا رؤية جديدة وشاملة للغة، حيث نظر إليها كنظام رمزي اجتماعي ديناميكي. وما زالت أفكاره تشكل أساسًا للعديد من الدراسات اللغوية المعاصرة.