زراعة شجرة الزيتون في تونس.. إقامة الحواجز الترابيّة (الطوابي والجسور) والمساقي لتجميع مياه السيلان وكثافات لتوزيعها. غزارة الهطول وعدم انتظام الكميّات المتحصّل عليها على المستوييّن الزمني والمكاني

تنتشر شجرة الزيتون في أنحاء تونس من شمالها إلى جنوبها بشكل غراسات مطرية (بعليّة) في أكثر من 95 بالمائة من الغابة تحت ظروف بيئيّة متنوّعة يسودها اختلاف كبير في كميّة الأمطار الّتي تتراوح بين 1200 مم في أقصى الشّمال و 1500 مم بأقصى الجنوب.

وبذلك ساهمت هذه الشجرة ولا تزال في إحياء واستغلال مناطق ذات ظروف بيئيّة كادت تتحوّل إلى صحراء لولا هذه الشّجرة.

ويعود ذلك إلى ما وفّره المزارعون التونسيّون القدامى من مجهود للإحياء و الغراسة والعناية واستنباط تقنيات زراعية مكنت من استغلال ناجع وانتشار واسع لهذه الغراسات بربوع البلاد.

وللتّذكير فإنّ شجرة الزيتون تحبّذ الوسط البيئي المتوسّطي الّذي يتميّز بأمطار من خاصيتها الوفرة في فصليّ الخريف والرّبيع و القلّة أو الانعدام في فصل الصيّف الحارّ.

وتختلف كميّات الأمطار بتونس من منطقة إلى أخرى ومن سنة إلى أخرى وتتساقط هذه الكميات في أيام قليلة لا تتعدّى في بعض الأحيان الثّلاثين يوما في السّنة.

إلاّ أنّ غزارة الهطول وعدم انتظام الكميّات المتحصّل عليها على المستوييّن الزّمني والمكاني يتسبّبان عادة إمّا في السّيلان المهول للمياه الجارفة للتربة أو في الجفاف إذ أنّ كلّ شهر من السّنة يمكن أن يكون جافّا وهو ما يحث المزارعين على السّعي إلى الرّيّ التكميلي كلّما توفّر ذلك.

وتبعا لهذه الخصائص المميّزة للمناخ بالبلاد التونسية، اعتمد المزارعون القدامى أنظمة زراعيّة تتمثّل في إقامة الحواجز الترابيّة (الطوابي والجسور) والمساقي لتجميع كميّات من مياه السيلان وكثافات تأخذ بعين الاعتبار مجموع كميّات الأمطار المتساقطة وكيفيّة توزيعها و عدم انتظامها.

أظهرت الدّراسات الّتي أجريت في تونس أنّ حاجة شجرة الزيتون من مياه الرّيّ تتراوح بين 3000 و 4000 متر مكعّب للهكتار في السنين المنتجة.

ونظرا لكلّ هذا، فإنّ نجاح الغراسة يرتبط أساسا بحسن اختيار التربة لذلك فالأراضي الرّمليّة العميقة (أكثر من متر دون وجود طبقات كتيمة) ملاءمة لغراسة الزيتون أينما وجدت وخاصّة بمناطق الوسط والجنوب، على أنّ قلع أو زعزعة الطبقات الصخريّة الكتيمة (إن وجدت في العمق المستغل من طرف الشجرة) ضروري قبل الغراسة لتسهيل نفاذ الجذور وتحسين هيكلة الأرض و نموّ الشجرة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال