استثناء الأفعال القصدية من تعويضات التأمين.. إثبات النية القصدية لا تكون متيسرة إلا إذا ما وقعت إحالة المتسبب في الضرر على هذا الأساس وثبتت إدانته بمقتضى حكم بات

استثنت الفقرة الثانية من الفصل الرابع من مجلة التأمين الأضرار الناتجة عن الفعل القصدي وكذلك نتائج الفعل المرتكب على أساس التغرير.

ويبرر هذا الإجراء بالضوابط الأخلاقية والاعتبارات التي تهم النظام العام والتي لا يمكن الحياد عنها.

ما تجدر الإشارة إليه في هذا الباب هو أن الفعل القصدي في ميدان تأمين المسؤولية المدنية يتعلق بالأساس بالفعل القصدي تجاه الغير، تجاه المتضرر، غير أن إثبات النية القصدية لا تكون متيسرة إلا إذا ما وقعت إحالة المتسبب في الضرر على هذا الأساس وثبتت إدانته بمقتضى حكم بات.

ويتعين في هذا الباب التمييز بين الخطأ القصدي ونية إحداث الضرر للغير. فاختراق الضوء الأحمر عمدا مثلا من طرف أحد السواق نتج عنه إصابة عربة أخرى لا يعني تعمد سائق هذه العربة إلحاق الضرر بركاب العربة الثانية حتى وإن كان يتحتم عليه في واقع الأمر تحسب حصول مثل هذه الحوادث.

لقد نظرت المحاكم الفرنسية في قضية رجل متزوج كان في مرحلة الطلاق، اندفع بسيارته بصفة جنونية على مجموعة من المترجلين توجد بينهم زوجته وذلك بغاية إلحاق الضرر بها.

قضت المحكمة في شأنه بالاعتداء بالعنف وإلحاق الضرر فيما يخص الزوجة والجرح على وجه الخطأ بالنسبة لأحد المترجلين.

تمسك مؤمن العربة بالاستثناء من الضمان ملاحظا بأنه كان على حريفه استعمال العربة استعمالا عاديا ولا كسلاح للانتقام.

فأجابت المحكمة بأن السائق أراد فعلا إلحاق الضرر بزوجته لكن لم تكن لديه النية لإلحاق الضرر بالمترجل الذي لا يعرفه ولا توجد بينهما دوافع للعنف أو للانتقام وبالتالي فإن النية في إلحاق الضرر بالمترجل غير متوفرة.

هذه النتيجة تبدو في واقع الأمر غير مقنعة إذا ما حجبنا القرار الجزائي، لأن تهور السائق وتعمده الاندفاع بسيارته على مجموعة من المترجلين يجعله في وضع لا يسمح له بتفادي إلحاق الضرر بالآخرين مما يقصي حتما نظرية الاحتمال التي تمثل أساس التأمين.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال