الرقابة القضائية عن طريق الدفع بعدم الدستورية:
وهذه الرقابة كما تشير تسميتها تثور بمناسبة دعوى (مدنية، تجارية، جنائية، إدارية... الخ) مطروحة أمام القضاء، حيث يدفع أحد أطراف النزاع بعدم دستورية القانون المراد تطبيقه عليه، فإذا تبين للقاضي صحة الدفع، فإنه يستبعد تطبيق القانون غير الدستوري في القضية المثارة أمامه.
وتتميز هذه الطريقة بأنها وسيلة دفاعية من جانب صاحب الشأن، حيث يتم الدفع بعدم دستورية القانون في أثناء نظر الدعوى، وليس برفع دعوى أصلية ضد هذا القانون.
كما تتميز أيضاً بأن مهمة القاضي في حال تيقنه من مخالفة القانون لأحكام الدستور تقتصر على الامتناع عن تطبيقه في الدعوى المثارة أمامه، ويترتب على ذلك أن يظل القانون سارياً ونافذاً، ويمكن بالتالي تطبيقه في حالات أخرى لأن حكم القاضي بالامتناع عن التطبيق لا يعد إبطالاً للقانون.
ولذا فهو لا يقيد المحاكم الأخرى في القضايا المثارة أمامها، وبمعنى آخر فإن الحكم الصادر في حالة الدفع الفرعي تكون له حجية نسبية، تقتصر على موضوع النزاع وأطرافه.
وقد يترتب أحياناً على هذا الوضع أن تختلف أحكام القضاء بصدد دستورية قانون ما، فترى بعض المحاكم أنه قانون غير دستوري ويمتنع عن تطبيقه، بينما يرى البعض الآخر أنه متفق مع أحكام الدستور، وقد يحدث أن تغير المحكمة الواحدة رأيها بخصوص القانون.
فبعد أن تحكم بعدم دستورية القانون تعود فتعدل عن هذا الرأي وتقضي بدستورية القانون في دعوى أخرى معروضة أمامها؛ ومثل هذا الوضع الذي تسير عليه المحاكم من شأنه أن تظل القوانين مدة طويلة مزعزعة يحيط بها الشك حتى يقضى بصفة قاطعة بدستوريتها أو عدم دستوريتها.
وتتلاءم هذه الطريقة في رقابة الدستورية مع أسلوب لا مركزية الرقابة، وتفسير ذلك أن امتناع القاضي عن تنفيذ القانون الذي يقدر عدم دستوريته هو أحد الالتزامات التي تقع على عاتقه لأنها تنبثق مباشرة من وظيفته بتطبيق القانون، حيث يتعين عليه إزالة عوائق التطبيق وحل مشاكل التنازع بين القوانين لكي يتوصل إلى تحديد القانون واجب التطبيق في النزاع المعروض عليه؛ ولما كان هذا هو واجب القضاء بصفة عامة فإنه من المنطقي أن يعترف بهذا الحق لجميع المحاكم على اختلاف درجاتها.
التسميات
قانون دستوري