في8 يوليوز 1968، سيقوم الملك بتعديل حكومي ليعيِّن لأول مرة وزيرًا للدولة مكلَّفًا بالشؤون الثَّقافيَّة والتعليم الأصلي، عقب خطابه للعرش في3 مارس 1968 الذي شدد فيه على أهميَّة الثَّقافة كظاهرة معقَّدة لا تهمُّ فقط الفنون والآداب، بل أيضًا أنماط العيش والتقاليد والاعتقادات والترابط في ما بينها.
وأُسنِدَت إلى هذه الوزارة مهمَّة تطوير وتنسيق الأنشطة الثَّقافيَّة، وذلك بالقيام بالمهامِّ التالية:
1- استعمال أساليب مناسبة لدعم الأنشطة الأدبية والجمعيات الثَّقافيَّة والتربوية والفنية.
2- تحفيز الإنتاج الأدبي والعلمي عن طريق إحداث جوائز.
3- نشر مجلاَّت في البحث الأدبي والعلمي.
4- تدبير مختلف المؤسَّسات الثَّقافيَّة (دور ثقافة، مكتبات) وتكوين منشِّطين هذه المؤسَّسات.
5- السهر على تعريب الأسماء الجغرافية وأسماء الأزقَّة واللافتات وأسماء العلامات التجارية.
6- النهوض بالثَّقافة الشعبية.
7- السهر على تطبيق الاتفاقيات الموقعة بين المغرب والدول الأخرى.
فبعد المحاولة الانقلابية الأولى (10 يوليوز 1971) عُيِّنَت في 11 غشت 1971 الحكومة الثانية عشرة تضم وزارة واسعة هي وزارة "الثَّقافة والتعليم العالي والثانوي والأصلي وتكوين الأطر" لتصبح بعد8 أشهر في الحكومة الثالثة عشرة، وزارة "الثَّقافة والتعليم الأصلي والعالي والثانوي"، حيث تمَّ الإبقاء على كلمة "الثَّقافة" في تسمية الوزارة. أما بعد المحاولة الانقلابية الثانية (16 غشت 1972) فقد تمَّ تعيين حكومة جديدة في 20 نونبر 1972 وتضم وزارة "الأوقاف والشؤون الإسلامية والثَّقافة".
وهكذا، فعلى الرغم من الظروف السياسية الصعبة التي عرفتها البلاد، يلاحَظ أن الدولة أصبحت واعية بمسؤوليتها في التدخُّل في الشأن الثَّقافي.
كما يلاحظ أنه كثيرًا ما كانت الثَّقافة تصاحب الأحباس والشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي في عديد من التشكيلات الوزارية، ويبدو أن هذا كان نابعًا من الرغبة في تأكيد الهُوِيَّة المستوحاة من كل ما هو عربي وإسلامي من جهة، ومن جهة أخرى، كان هذا يُترجِم الصعوبة التي كانت تجدها الدولة في فهم الثَّقافة وترددها في نهج سياسة ثقافيَّة واضحة وصريحة.
وبعد مرور نحو6 سنوات على إنشاء أول جهاز مؤسَّساتي ثقافي، سيتم تعديل حكومي في 25 أبريل 1974 (للحكومة الرابعة عشرة) حيث أحدث لأول مرة قطاع "وزارة الدولة في الشؤون الثَّقافيَّة".
وهكذا، ستعرف السياسة الثَّقافيَّة في المغرب انطلاقة جديدة وسيصدر لأول مرة المرسوم رقم 2-75-443 بتاريخ 26 غشت 1975 الصادر بالجريدة الرسمية عدد 3281 لـ17 شتنبر 1975، ينظم إدارة هذه الوزارة ويحدد مهامَّها في ما يلي:
1- المحافظة على التُّراث الثَّقافي الوطني وضمان كيانه واستعمال جميع الوسائل الكفيلة بتنميته وازدهاره وإعداد النصوص التشريعية والتنظيمية الخاصَّة بحماية الأشياء الفنية والمواقع الأثرية والمعالم التاريخية.
2- القيام -علاوة على ذلك- في نطاق المقتضيات التشريعية والتنظيمية المعمول بها بتسيير المؤسَّسات الداخلية في اختصاصاتها.
3- أما في ما يخصُّ تنظيم هذه الوزارة، فلقد تألفت، بالإضافة إلى ديوان الوزير، من كتابة عامَّة ومفتشية وإدارة مركزية ومصالح ثقافيَّة خارجية، وتشمل الإدارة المركزية: قسم النشاط الثَّقافي والتعليم الفني، وقسم المتاحف والمواقع والحفريات الأثرية والمعالم التاريخية، والمصلحة الإدارية، ومصلحة التخطيط والوثائق، والمصلحة القانونية.
وبموجب القرار الوزاري رقم 430.78 بتاريخ 22 فبراير 1978، أحدثت مصالح خارجية لوزارة الشؤون الثَّقافيَّة بثماني مناطق إدارية للمملكة (س جهات، وإقليم واحد، وعمالة واحدة).
استمرَّت مرحلة وزارة الشؤون الثَّقافيَّة إلى نهاية القرن الماضي، وعرفت على رأسها تعيين6 وزراء ضمن 12 تشكيلة حكومية، لتتحول في ما بعد إلى "وزارة الثَّقافة" مع مطلع هذا القرن.
خلال هذه الفترة، عرفت اختصاصات وتنظيم وزارة الشؤون الثَّقافيَّة عدة تعديلات، أهمها تعديل 1985 (مرسوم رقم 2.82.800 بتاريخ 29 يناير 1985 الصادر بالجريدة الرسمية عدد 3779 لـ3 أبريل 1985) حيث أصبحت الإدارة المركزية تشتمل على: مديرية النشاط الثَّقافي والتعليم الفني، ومديرية المتاحف والمواقع والحفريات الأثرية والمباني التاريخية، وقسم جرد التُّراث الثَّقافي، ومصلحة التخطيط والوثائق، والمصلحة القانونية.
وبموجب القرار الوزاري رقم 546.87 الصادر في8 أكتوبر 1986 (الجريدة الرسمية عدد 3884 لـ8 أبريل 1987) تمَّ إحداث مندوبيات بـ25 منطقة إدارية للمملكة المغربية (23 إقليمًا وولايتان).
وفي سنة 1994 ستعرف وزارة الشؤون الثَّقافيَّة أهمّ تغيير لها على مستوى الاختصاصات والتنظيم وذلك بموجب المرسوم رقم 2.94.222 بتاريخ 24 ماي 1994 (الجريدة الرسمية عدد 4277 لـ19 أكتوبر 1994) حيث ألغى مرسوم 26 غشت 1975 وناط بها مهمَّة إعداد وتنفيذ سياسة الحكومة المتعلقة بالتُّراث والتنمية الثَّقافيَّة والفنية، وتتولى لهذه الغاية، مع مراعاة الاختصاصات المسندة إلى الوزارات الأخرى، القيام بما يلي:
1- توحيد التوجُّهات وتنسيق الأعمال الهادفة إلى تقوية النسيج الثَّقافي الوطني والإسهام باتصال مع الوزارات والمصالح المعنيَّة في النهوض بالثَّقافة الوطنية والحفاظ على خاصياتها.
2- استخدام جميع الوسائل الكفيلة بضمان ازدهارها وإشعاعها والملاءمة لمتابعة ودعم كل عمل أو مبادرة ترمي إلى الحفاظ على التُّراث الثَّقافي الوطني وصيانته واستمراره.
3- ابتكار وإعداد استراتيجية مُحكَمة للتنمية الثَّقافيَّة على المستوى الجهوي والْمَحَلِّيّ بقصد الرفع من المستوى الثَّقافي الوطني.
4- الإسهام في تنشيط العمل الثَّقافي والنهوض به والقيام بإحداث وإدارة المؤسَّسات الثَّقافيَّة للتأهيل والتعليم الفني الداخل نشاطها في نطاق اختصاصها، وكذا تشجيع أعمال الإبداع والبحث في مجالات الثَّقافة والفن والآداب.
5- إعداد مشروعات القوانين والأنظمة المطبقة على المجالين الثَّقافي والفني المرتبطة بهما والسهر على تطبيقها.
6- إقامة علاقات تعاون مع الهيئات والمؤسَّسات والجمعيات الثَّقافيَّة والفنية داخل المغرب وخارجه.
أما على الصعيد التنظيمي فقد أصبحت الإدارة المركزية تشمل: الكتابة العامَّة، والمفتشية العامَّة، ومديرية التُّراث الثَّقافي، ومديرية التنمية الثَّقافيَّة، ومديرية الفنون، ومديرية الكتاب والخزانات والمحفوظات، وقسم الموارد المشرية والشؤون العامَّة.
وفي نفس المرسوم تمَّ تنظيم وتحديد مهام المديريات والمصالح المركزية للوزارة.
التسميات
مغرب