ادعاء المودع الإيداع وادعاء المالك الغصب.. قول المودع بيمينه لا المالك، لقوة الأدلة على ذلك، ولضعف دليل الخصم، ولأن المالك يدعي عليه الفجور فلا يصدق عليه

إذا ادعى المودع الإيداع وادعى المالك الغصب:
وقد يكون سبب الاختلاف هو ضياع العين أو تلفها أو نسيان أحدهما أو اختلاط الأمر عليه ونحو ذلك.

وهنا اختلف العلماء على قولين:
القول الأول: أن القول قول المستودَع وهو قول المالكية والحنفية.

والأدلة على ذلك:
- الدليل الأول: أن الأصل عدم العدوان.
- الدليل الثاني: وأن المقر له يدعي عليه سبب الضمان وهو الغصب والمستودع منكر لذلك ولم يسبق منه إقرار بسبب موجب للضمان، إنما ذكر أن صاحب المال وضع ماله في موضع فضاع، وفعل الإنسان في مال نفسه لا يكون موجباً للضمان على غيره.
- الدليل الثالث: أنه يدعي عليه في الغصب باب فجور فلا يصدق عليه.

القول الثاني: أنه إن قال المستودع أخذتها منك وديعة، وقال الآخر: بل غصبتني، فهو ضامن لها.
وهو قول عند الحنفية.

والدليل على ذلك:
أنه أقر بوجود الفعل الموجب للضمان منه في ملك الغير وهو الأخذ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "على اليد ما أخذت حتى تؤديه"، ثم ادعى ما يسقط الضمان عنه وهو إذن المالك إياه في الأخذ، فلا يصدق على ذلك ويكون ضامناً إلا أن يقيم البينة أو يأبى المالك اليمين فيقوم نكوله مقام إقراره.

ويجاب عن هذا القول:
بأنه أقر بالأخذ على صفة معينة وهي صفة الأمانة، وهي غير موجبة للضمان، فلا تكون حجة لخصمه عليه.

والأصل أنه مؤتمن فيما يقول، اللهم إلا أن يكون ممن عرف بالشر وغصب الناس أموالهم فهنا لا يقبل قوله إلا ببينة، لأن العادة أن الناس لا تودع أموالها مثل هذا.

الترجيح:
والراجح أن القول قول المودع بيمينه لا المالك، لقوة الأدلة على ذلك، ولضعف دليل الخصم، ولأن المالك يدعي عليه الفجور فلا يصدق عليه.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال