اللا مركزية الثقافية وإسهام الجماعات المحلية.. توفير فضاءات مكتبية في إطار مخطَّط توسُّع المدينة وإحداث عديد من المكتبات البلدية بمختلف المدن المغربية

يُعتبر ظهير7 ماي 1917 (الجريدة الرسمية عدد 210 لـ7 ماي 1917) أول قانون منظِّم للجماعات الْمَحَلِّيَّة بالمغرب، بموجبه أُعطِيَت لها إمكانية خلق فضاءات من أجل أنشطة مسرحية وكوريغرافية وموسيقية، وكذا إحداث نوادٍ أدبية وصحافية. وقد شكَّل هذا، ظهور شكل من أشكال اللا مركزية الثَّقافيَّة في عهد الحماية. وتَجلَّى هذا في خلق مكتبة بلدية بالدار البيضاء سنة 1919 تبعها في ذلك تدريجيًّا تزويد عديد من المدن بتجهيزات ثقافيَّة جماعية من مسارح ومعاهد للموسيقى والفنون الجميلة ومكتبات بكل من مراكش (المكتبة البلدية 1923) والعرائش (المكتبة البلدية 1932) وشفشاون (المكتبة البلدية 1940) وصفرو (المكتبة البلدية 1949) وفاس (المكتبة البلدية 1950) إلخ.
أما مع الاستقلال، قد بدأت التجرِبة اللا مركزية بطريقة محتشمة حيث تمَّ تهميش الثَّقافة في الجماعات. لكن هذا لم يمنع من ظهور مشروعات ثقافيَّة إلى الوجود كانت وراءها الجماعات الْمَحَلِّيَّة. وتعلق الأمر بإحداث مكتبات بتمويل منها، تحت الإشراف الفني للخزانة العامَّة بالرباط التي كانت مكلَّفة من طرف الحكومة بالدخول في اتصال مع السلطات الْمَحَلِّيَّة لكل مدينة من أجل توفير فضاءات مكتبية في إطار مخطَّط توسُّع المدينة. وهكذا تمَّ إحداث عديد من المكتبات البلدية بمختلف المدن المغربية كوجدة، وأصيلة، وآسفي، والحسيمة، وآكدير، إلخ.
في سنة 1976، صدر ظهير الميثاق الجماعي (ظهير 30 شتنبر 1976) الذي يعد مرحلة حاسمة في تاريخ العمل الثَّقافي للجماعات الْمَحَلِّيَّة. فبموجب هذا الميثاق، تمَّ توسيع صلاحياتها وتحديد مهامِّها ونيطت بها مسؤولية التنمية الشاملة الاقتصادية والاجتماعية والثَّقافيَّة للتراب كافة الخاضع لها. ابتداءً من هذا التاريخ أصبح تحت مسؤولية الجماعات الْمَحَلِّيَّة تنظيم التظاهرات الثَّقافيَّة (المواسم، والمهرجانات، والندوات الثَّقافيَّة) وأصبحت التجهيزات الثَّقافيَّة والمكتبات تثير اهتمام المنتخبين. وبالفعل، ظهر عديد من المؤسَّسات من هذا النوع إلى الوجود، ومنها المكتبة البلدية لمدينة تازة (1978)، وأربع مكتبات بمدينة طنجة (1982، 1983، 1989، 1990)، إلخ.
وفي بداية التسعينيات من القرن الماضي سيعرف العمل الثَّقافي للجماعات الْمَحَلِّيَّة نقطة تحول، حين قرر الملك في خطابه الموجَّه للمشاركين في أشغال الندوة الوطنية حول المسرح الاحترافي (14 ماي 1992) بأن تخصِّص الجماعات الْمَحَلِّيَّة 1% من ميزانيتها لبناء المسارح والمشتغلين به.
وبالموازاة مع هذا القرار، قامت وزارة الشؤون الثَّقافيَّة بجهد جبار لحثِّ الجماعات الْمَحَلِّيَّة على الانخراط في مسلسل إقرار سياسة ثقافيَّة وطنية. وبالفعل، أمام الأزمة الاقتصادية التي تَفَشَّت خلال الثمانينيات والتسعينيات تَوَجَّه وزير الشؤون الثَّقافيَّة بنداء إلى الجماعات الْمَحَلِّيَّة من أجل المساعدة، على وجه الخصوص، في شأن إحداث النيابات الإقليمية التي من دونها لا يمكن انطلاق أي عمل ثقافي على المستوى الْمَحَلِّيّ والإقليمي. وفي هذا السياق، تمَّ تنظيم أيام دراسية حول اللا مركزية الثَّقافيَّة بكل من تطوان (25 و26 ماي 1993) والرباط (7 و8 أبريل 1995) علاوة على الدورة التي أقيمت حول هذا الموضوع من طرف المجلس الأعلى للثَّقافة (دورة 12-20 ديسمبر 1994) والتصديق على المشروع المغربي الفرنسي حول "الثَّقافة والجهوية بالمغرب" من طرف اللجنة الوطنية للثَّقافة المغربية الذي كان يهدف إلى تكوين أطر مغاربة وتكييف وملاءمة الهياكل الإدارية لوزارة الشؤون الثَّقافيَّة مع اللا مركزية الثَّقافيَّة، وهكذا أُحدِثَ بوزارة الشؤون الثَّقافيَّة سنة 1994 قسم "التنسيق الثَّقافي مع الجماعات الْمَحَلِّيَّة" تابعًا لمديرية العمل الثَّقافي، ليُعرَف بعد ذلك عمل الجماعات الْمَحَلِّيَّة في الميدان الثَّقافي طفرة جديدة، انظر الجدول أسفله:
التجهيزات المنجزة من طرف الجماعات الْمَحَلِّيَّة خلال فترة 1990 - 2000
نوع التجهيزات
الحضرية
القروية
المجموع
المكتبات
31
11
42
المراكز الثَّقافيَّة
30
5
35
المجمعات الثَّقافيَّة
16
0
16
دور الثَّقافة
13
18
31
المسارح
7
0
7
المعاهد الموسيقية
3
0
3
المتاحف
2
0
2

أحدث أقدم

نموذج الاتصال