لقد أقام المفهوم الكلاسيكي للمالية العامة فاصلا بين السياسة والاقتصاد، وحدد وظائف الدولة بالدفاع والأمن والقضاء، أي أن الميدان السياسي كان من اختصاص الدولة، أما فيما يتعلق بالاقتصاد فكان من اختصاص النشاط الخاص.
إلا أن هذا الفصل بين السياسة والاقتصاد قد تلاشى منذ الثلاثينيات، إذ أصبحت الدولة لا تتدخل في الحياة الاقتصادية كمشروع للقوانين، وإنما أصبحت المحرك الرئيسي للحياة الاقتصادية والاجتماعية، وأخذت تزول تدريجيا الحواجز التي كانت تفصل بين القطاع الخاص والعام.
ويجب الإشارة إلى أن تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية كان ضرورة حتمية أملتها الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي حدثت منذ سنة 1914 للحد من الآثار السيئة للنظام الحر والتخفيف من مساوئه دون المساس به.
فالدولة عن طريق الضرائب الجمركية ذات السعر العالي تحمي صناعتها الوطنية من المنافسة الأجنبية، أو أن الدولة تقدم مساعدات مالية للشركات للخروج من الأزمات.
ومن هنا نستطيع أن نرى بوضوح التعارض أو التناقض بين المفهوم الكلاسيكي والحديث من حيث أن مبدأ المساواة أمام النفقات العامة هو الأساس الذي يستند أليه المفهوم الكلاسيكي للمالية العامة، في حين أن المفهوم الحديث للمالية العامة لا يأخذ بنظر الاعتبار بمبدأ المساواة هذا، حيث تزداد الضرائب على بعض الأفراد وتنخفض على بعض أخر من الأفراد، حسب ما تتطلب سياسة التدخل.
وهكذا نرى أن السياسة التدخلية للدولة عن طريق وسائل الفن المالي، قد وضعت نهاية مفهوم الدولة الحيادية.
التسميات
مالية عامة