إن الحرب العالمية الأولى والثانية والأزمات الاقتصادية، قد قضت على الاستقلال الذي أقامه الفكر الكلاسيكي بين الاقتصاد وبين النشاط المالي للدولة.
فلم يعد هناك مثلا تميز بين ما هو مدني، وما هو عسكري، لان في الحرب أصبح من الصعوبة بمكان التمييز بين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية.
كما أن القوة العسكرية للدولة أصبحت تعتمد كليا في الوقت الحاضر على مقدار ما تتمتع به من قوة اقتصادية، أو بعبارة أخرى أن القوة العسكرية تعتمد على كافة الاقتصاد القومي للدولة.
ومن هذا يتضح انه ليس في الإمكان معالجة المشاكل المالية بمعزل عن الاقتصاد، فلو آخذنا مثلا مسألة توازن الموازانة وهي، قاعدة أساسية في الفكر المالي الكلاسيكي وعلى الرغم من أنها لم تفقد قيمتها كليا، إلا أن مفهوم توازن الموازنة قد تطور.
إذ لم يعد في الإمكان تحقيقه إلا في الإطار الاقتصادي العام، فالمفهوم في الوقت الحاضر هو تحقيق التوازن الاقتصادي العام وليس توازن الموازنة.
إذ أن هذا الأخير لا يمكن تحقيقه دون أن يتحقق الأول، ولذلك فان المالية العامة لم تعد مستقلة، وإنما أصبحت جزءا من الاقتصاد.
كما أن زيادة النفقات العامة نتيجة لتطور وتنوع مسؤوليات الدولة لم تعد الضريبة قادرة لوحدها على تحقيق الإيرادات اللازمة للدولة، مما دفع الدولة إلى استخدام الوسائل الأخرى، كالقروض والوسائل النقدية، بجانب الضريبة كمصادر عادية لتوليد الإيرادات من ناحية ولاستخدامها كأداة للتدخل في الميدان الاقتصادي والاجتماعي من ناحية أخرى.
التسميات
مالية عامة