معركة الكرامة.. تحطيم معنويات العدو وزيادة الثقة بين الثورة والجيش الأردني لإفشال القضاء على مواقع الفدائيين الفلسطينيين في مخيم الكرامة

أعلنت إسرائيل رسمياً أنها بصدد القضاء على مواقع الفدائيين الفلسطينيين في مخيم الكرامة على بعد 5كم من جسر اللنبي؛ فقامت بشن هجوم واسع في 21/3/1968 على ضفة نهر الأردن الشرقية، بين جسر الأمير محمد شمالاً حتى جنوب البحر الميت.

لم يكن الهجوم مفاجئاً؛ لأن فتح والقوات الأردنية شاهدوا تحركات قبل الهجوم بيومين؛ فعدا عن ذلك أعلن مندوب الأردن في الأمم المتحدة أن إسرائيل تعد لهجوم على الأردن؛ كما كانت تصريحات وتهديدات المسؤولين الإسرائيليين تشير إلى ذلك بوضوح.

حشدت إسرائيل 4 ألوية لتنفيذ الهجوم؛ إضافة إلى 4 أسراب نفاثة كغطاء جوي وحوامات لنفل المشاة؛ وبلغ قوام هذه القوة 15000 جندي.

اتخذت حركة فتح قراراً بالصمود الواعي للهجوم؛ وذلك لرفع معنويات الجماهير العربية والفلسطينية بعد نكسة 1967، وتحطيم معنويات العدو، بإنزال الخسائر في صفوفه، وتحقيق الالتحام مع الجماهير، وزيادة الثقة بين الثورة والجيش الأردني. كما وضعت القيادة الأردنية قواتها في حالة تعبئة.

في الخامسة والنصف من صباح 21/3 تحركت القوة الإسرائيلية على 4 محاور؛ فعبرت النهر تحت غطاء المدفعية، ولم تتقدم سوى 200م حتى جوبهت بمقاومة عنيفة؛ فدفعت بعناصر محمولة بالحوامات؛ فتصدت لها القوات العربية وكبدتها خسائر كبيرة؛ ما دفع القيادة الإسرائيلية إلى زج قواتها الجوية بكثافة؛ وذلك بقصف مرابض المدفعية الأردنية والمدافع المضادة للطائرات، ومواقع الفدائيين ومرابض الدبابات.
وخلال ذلك كانت الحوامات تنقل المزيد من الجنود وتعود بالقتلي والجرحى.

تمكنت القوات المدرعة الإسرائيلية من الالتقاء بالقوات المنزلة جواً في الكرامة، حوالي العاشرة من صباح 21/3، ودارت معارك دامية مع الفدائيين بدأت بالبنادق والقنابل اليدوية؛ ثم بالسلاح الأبيض؛ فيما خاضت القوات الأردنية معارك عنيفة منعت فيها العدو من التقدم.

في الثانية بعد الظهر كانت الخسائر الإسرائيلية تشير بوضوح إلى حجم الثمن الذي دفعته إسرائيل في العملية؛ فأذاعوا أنهم حققوا هدف العملية، وبدأوا بالانسحاب؛ وكانوا قد طلبوا وقفًا لإطلاق النار الساعة 11:30 بواسطة الجنرال أودبول المراقب الدولي؛ لكن رئيس الحكومة الأردنية رفض ذلك؛ إلا بعد انسحاب القوات الإسرائيلية بكاملها؛ وفعلاً تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي في الساعة 2:30.
وأثناء انسحابها تكبدت إسرائيل كثيراً من الخسائر لوقوعها في كمائن نصبتها المقاومة.

قاد عملية إسرائيل رئيس أركان الجيش حاييم بارليف، وكانت أول عملية تتخطى فيها إسرائيل نهر الأردن، وقال يوري افنيري :"إن المفهوم التكتيكي للعملية كان خاطئاً من الأساس، وأن النتائج أدت إلى نصر سيكولوجي للعدو الذي كبدنا خسائر كبيرة".

بعد هذه المعركة تدفق سيل من متطوعي حركة فتح والمقاومة الفلسطينية، وقوبل الشهداء في المدن العربية التي دفنوا فيها بمظاهرات كبرى، وازداد اهتمام الصحافة العالمية بالمقاومة الفلسطينية، حتى أن الجماهير في السويد والنرويج أطلقت هتافات معادية لإسرائيل أثناء زيارة آبا ايبان في 7/5/1968، كما كانت معركة الكرامة نوع من استرداد جزء من الكرامة المفقودة في حرب 1967.

خسر الإسرائيليون في المعركة 70 قتيلاً وأكثر من 100 جريح، و45 دبابة و25 عربة مجنزرة و27 آلية و5 طائرات.
في الجانب الفلسطيني كان هناك 17 شهيداً.

وأما الأردنيون فقد خسروا 20 شهيداً و65 جريحاً و10 دبابات و10 آليات ومدفعين.
ودمر الإسرائيليون أثناء انسحابهم عدداً من المنازل، وأخذوا معهم 147 عربياً من الفلاحين؛ بحجة أنهم من الفدائيين.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال