إن المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه عمل جميع أنواع الرادارات هو في أن الموجات الكهرومغناطيسية تنعكس (reflected) أو تتبعثر (scattered) عند انتقالها من وسط إلى وسط آخر يختلفان في بعض خصائصهما الكهربائية والمغناطيسية والتي عادة ما تتحدد بثوابت ثلاث وهي العزل الكهربائي (permittivity) والموصلية (conductivity) والنفاذية المغناطيسية (permeability).
وبما أن الموجات الكهرومغناطيسية المنطلقة من هوائيات الرادارات تنتشر في الهواء فإنها بالتالي ستنعكس بدرجات متفاوتة عن جميع الأجسام التي تعترض طريقها وذلك لأن خصائصها الكهربائية والمغناطيسية تختلف عن تلك التي للهواء والتي هي أقرب ما تكون لخصائص الفراغ.
وإذا ما تمكن الرادار باستخدام هوائيات الاستقبال من التقاط الموجات المنعكسة عن هذه الأجسام أو ما نسميها الأهداف فإنه يقوم بمعالجتها ليستخلص معلومات بالغة الأهمية عن هذه الأهداف.
فالمعلومات المستخلصة في حالة الرادار المثالي هي أولا التأكد من وجود أو عدم وجود الهدف وثانيا تحديد مكان الهدف في الفضاء المحيط بالرادار والذي يعطى بأبعاد ثلاثة وهي الزاوية الأفقية (azimuth angle) والزاوية الرأسية (elevation angle) والبعد (distance) عن الرادار وثالثا تحديد اتجاه سير (direction) وسرعة (speed) الهدف إذا كان متحركا ورابعا طبيعة ونوع الهدف.
إن شدة الموجة المنعكسة عن الأجسام تعتمد على عوامل كثيرة أولها طبيعة المادة التي يتكون منها سطح الجسم فالمعادن بمختلف أنواعها لها معامل انعكاس قد يصل إلى الواحد وذلك لارتفاع موصليتها ولذلك فإنه من السهل على الرادار كشف الطائرات والسفن والمركبات لأن أجسامها مصنوعة من المعادن كالحديد والألمنيوم.
أما شدة الموجة المنعكسة عن المواد العازلة فإنه يعتمد على معاملات انكسارها (refractive index) فكلما زاد معامل الانكسار كلما زادت درجة الانعكاس ولكنه لا يصل إلى مستوى المواد المعدنية.
وهنالك من المواد المصنعة ما يمكنها امتصاص أشعة الرادار ولا يعكسها كبعض المواد المعدنية ذات المقاومة الكهربائية العالية وبعض المواد المغناطيسية وبعض الأصباغ الداكنة ولهذا فإنه من الصعب على الرادار أن يكشفها وتستخدم مثل هذه المواد لطلي أسطح أجسام الطائرات والصواريخ الحربية والعربات العسكرية.
أما العامل الثاني فهو شكل سطح جسم الهدف فالأسطح المستوية والمنتظمة تعكس الموجات أكثر من الأسطح غير المستوية أو المتعرجة ولكن الأسطح المستوية ذات فائدة للرادار فقط إذا كانت متعامدة على اتجاه الموجة القادمة من الرادار أما إذا كانت مائلة ولو بزاوية صغيرة عن الاتجاه العمودي فإن الموجة المنعكسة لن تصل إلى الرادار أبدا وبالتالي لن يتمكن من اكتشاف الهدف.
ولقد استقاد صانعي الطائرات الحربية من هذه الخاصية في تصنيع طائرات يصعب على الرادار كشفها وذلك من خلال تصنيع السطح الخارجي من عدد كبير من الأسطح المستوية الصغيرة تميل عن بعضها البعض بزوايا صغيرة كما في الطائرة الحربية الأمريكية المسماة بالشبح.
أما العامل الثالث فهو طول الموجة التي يعمل عليها الرادار فإذا كان طول الموجة أكبر من أبعاد جسم الهدف فإن الموجة لن تنعكس عن الهدف بل ستحيد عنه وتكمل مسارها في نفس الاتجاه وذلك بسبب ظاهرة الحيود (Diffraction) المعروفة.
ولهذا السبب فإن معظم أنواع الرادارات تستخدم موجات بالغة القصر أي عالية التردد تقع في نطاق الأمواج الدقيقة (Microwaves) الذي يمتد من واحد جيقاهيرتز إلى مائة جيقاهيرتز.
يعمل الرادار من خلال قيام جهاز الإرسال بإطلاق موجة كهرومغناطيسية من خلال الهوائي بتردد محدد باتجاه ما في الفضاء ثم يقوم جهاز الاستقبال بالتنصت على الموجات القادمة من ذلك الاتجاه فقط فإن استقبل موجة بنفس التردد أو قريبا منه فإن هذا يعني وجود جسم ما قد اعترض مسار الموجة المرسلة في ذلك الاتجاه وقام بعكسها باتجاه الرادار.
إن الدقة في تحديد اتجاه الهدف يعتمد اعتمادا كبيرا على عرض الشعاع المنبعث من الرادار فكلما قل عرض الشعاع كلما زادت دقة تحديد الاتجاه ولهذا السبب فإن الرادارات تستخدم هوائيات عالية التوجيه (high directivity) للحصول على أشعة ذات عرض ضيق جدا أقرب ما تكون لشعاع الليزر.
ولكي يتمكن الرادار من كشف الأهداف في جميع الاتجاهات فإن عليه القيام بمسح (scan) جميع الفضاء المحيط بالرادار بشعاع ضيق جدا وهذه مهمة ليست بالسهلة حيث يتطلب من الرادار تحريك الهوائي في جميع الاتجاهات ضمن فترة زمنية محددة ثم يقوم بتكرار هذه العملية بشكل دوري ومتواصل.
ويتم تحديد الزاوية الأفقية والزاوية الرأسية لاتجاه الهدف من اتجاه الهوائي في اللحظة التي يتم بها إرسال أو استلام الموجة المنعكسة علما بأن الفترة الزمنية فيما بين إرسال الموجة واستقبالها لا يتجاوز الملي ثانية بسبب أن الموجات تنتشر بسرعة الضوء.
أما بعد الهدف عن الرادار وكذلك سرعته فإنه يتم تحديدهما بطرق مختلفة وذلك حسب نوع الرادار والذي سنشرحها بعد قليل.
إن مثل هذا الرادار الذي يحدد موقع الهدف بأبعاده الثلاثة وهي الزاوية الأفقية والزاوية الرأسية والبعد يسمى رادار ثلاثي الأبعاد (3D radar) وهو كما ذكرنا سابقا ليس من السهل تنفيذه.
ولهذا السبب فإن معظم الرادارات العملية هي رادارات ثنائية الأبعاد (2D radar) تحدد البعد والزاوية الأفقية ولا تحدد الزاوية الرأسية و يلزم في هذا الحال أن يكون عرض الشعاع في الاتجاه الرأسي واسعا بينما يكون ضيقا جدا في الاتجاه الأفقي لكي يزيد من دقة تحديد الاتجاه الأفقي.
وفي الرادارات ثنائية البعد يتم تدوير الهوائي ميكانيكيا حول المحور الرأسي لكي يغطي جميع الزوايا الأفقية التي تمتد من صفر إلى 360 درجة ويجب أن لا تزيد سرعة دوران الهوائي عن سرعة معينة وذلك لكي يتمكن من التقاط الموجات المرتدة من الأهداف البعيدة وتعتمد سرعة تدوير الهوائي على نوع الاستخدام حيث تتراوح بين عدة دورات في الدقيقة لرادارات الطقس وعدة عشرات في التطبيقات العسكرية.
التسميات
رادار