ثورة البراق - ثورة 1929.. تسهيل تدفق اليهود إلى فلسطين ونتزاع رقعة أوسع من الأراضي من يد الفلاحين الفلسطينيين واحتكار المؤسسة الصهيونية للصناعة

كان العمل بين عامي 1922 و1929 على الصعيد الوطني راكداً، ماعدا بعض المظاهرات الجماهيرية؛ بسبب ضعف القيادة الفلسطينية وترددها؛ وبسبب شراسة الاستعمار البريطاني وبطشه وتشكيل الوحدات الصهيونية الإرهابية؛ ما أدى إلى عدم وجود تكافؤ في القوى.

ومع بداية عام 1929 ازداد الوضع سوءاً خصوصاً بعد سلسلة من الكوارث الطبيعية كالجراد والزلزال والوباء (1927)، وكذلك بداية الأزمة الاقتصادية العالمية (1932-1929)؛ في هذا الوقت سنت حكومة الانتداب مجموعة من القرارات سهلت من تدفق اليهود إلى فلسطين؛ ما اقترن بانتزاع رقعة أوسع من الأراضي من يد الفلاحين الفلسطينيين؛ فضلًا عن احتكار المؤسسة الصهيونية للصناعة.

وسط هذه الأجواء، نظم الصهاينة في 14/8/1929 في تل أبيب مظاهرة ضخمة؛ لمناسبة ذكرى "تدمير هيكل سليمان"، تلتها في اليوم التالي مظاهرة في القدس وصلت إلى حائط البراق؛ ورفع خلالها المشاركون العلم الصهيوني، وأخذوا يرددون النشيد القومي الصهيوني (هاتكفا)، وطالبوا بحائط البراق (المبكى)؛ بزعم أنه الجدار الباقي من الهيكل.

وفي يوم الجمعة 16/8، كانت ذكرى المولد النبوي الشريف؛ فتوجه أهالي القدس والقرى المحيطة إلى المسجد الأقصى للاحتفال بهذه المناسبة، كعادتهم كل سنة؛ وقد شكلوا مظاهرة ضخمة بعد صلاة الجمعة، اتجهت إلى حائط البراق؛ حيث حطموا طاولة وضعها اليهود على الرصيف، بجوار الحائط، وقاموا بإحراق أوراق فيها بعض نصوص الصلاة اليهودية الموضوعة في ثقوب حائط المبكي.

في اليوم التالي حدث اشتباك أدى إلى جرح 11 شخصاً من الجانبين، ووفاة أحد الصهاينة؛ فقامت القوات البريطانية باعتقال عدد كبير من العرب وبعض اليهود.

جاءت أخبار نية اليهود شن هجوم على حائط البراق واحتلاله؛ فتدفق أهالي القرى إلى القدس بأعداد ضخمة يوم 23/8/1929، وهم مسلحون بالعصي والهراوات، وخرج المصلون من الأقصى ليجدوا تجمعاً صهيونياً؛ فاشتبك الطرفان؛ ما شكل سبباً لدخول الدبابات البريطانية إلى القدس عصر ذلك اليوم.

وحين وصول أبناء القدس إلى الخليل ونابلس، انطلقت الجماهير في مظاهرات عنيفة، وهاجم أهالي الخليل الحي اليهودي؛ فقتل أكثر من 60 يهودياً، وجرح أكثر من 50 آخرين؛ في الوقت الذي حاول فيه أهل نابلس انتزاع الأسلحة من أحد مراكز الشرطة؛ وقامت مواجهات عنيفة كذلك في يافا وبيسان والحي القديم في حيفا، التي قتل فيها إمام أحد المساجد، وستة من العرب؛ نتيجة إطلاق النار عليهم من قبل الشرطة البريطانية. وفي يوم 26/8 هاجم اليهود مسجد عكاشة وخربوه.

شاع الخبر في صفد أن اليهود اعتدوا على الحرم الشريف وهدموه وأحرقوه؛ فهرع الناس مساء 29/8/1929 إلى حارة اليهود، وخلعوا أبواب المحلات التجارية، وأشعلوا فيها النار.

وحدث أن ألقى مجهولون قنبلة قتلت 4 من اليهود و3 من خيول الشرطة؛ فجاءت يوم 30/8 القوات البريطانية من المناطق المجاورة، وأطلقت النار على كل عربي وجدته في (حارة اليهود)؛ ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى.

ألقي القبض على حوالي 400 عربي؛ وتم نقل بعضهم إلى سجن عكا؛ وأعدم في تلك القضية يوم 17/6/1930 الشهداء الثلاثة: فؤاد حجازي في صفد؛ ومحمد جمجموم وعطا الزير من الخليل.

بعدها شكل عدد من شباب صفد جماعة تحصنت في الجبال لمقاومة الإنجليز والصهاينة.
وكان من نتائج المعركة التي جرت في صفد أن أخذ اليهود يخلون المدينة تدريجياً.

في النهاية كانت حصيلة هذه الثورة:
- وقوع 133 قتيلاً من اليهود وجرح 239 منهم.
- ارتقاء 116 شهيداً وجرح 232 مقاومًا.
- قدم إلى المحاكمة ما يزيد عن ألف شخص أكثر من 900 منهم من العرب.
- صدر الحكم بالإعدام على 25 شخصًا، منهم يهودي واحد.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال