أسباب ثورة 1920 في فلسطين.. محاباة البريطانيين للصهاينة على حساب العرب. وضع الفلاحين الفلسطينيين تحت وطأة الضرائب. منع السلطات البريطانية عقد المؤتمر الفلسطيني

حين قامت الحرب العالمية الأولى، أسهم العرب في هذه الحرب إلى جانب قوات الحلفاء، الذين قدموا للعرب وعوداً باستقلال بلادهم الواقعة تحت الحكم العثماني.

بمجرد أن بدت بشائر النصر للحلفاء، نكث الحلفاء وعودهم للعرب، وقاموا بتقسيم هذه الدول فيما بينهم؛ وأعطي وعد بلفور ووقعت اتفاقية سايكس بيكو بين فرنسا وبريطانيا لاقتسام هذه الدول؛ وفتح باب الهجرة لليهود إلى أرض فلسطين؛ ما جعل العرب يدركون خطورة الأمر؛ فحدث أول تحرك شعبي واسع للتعبير عن الإحباط وخيبة الأمل. وعرف هذا التحرك الشعبي تاريخياً باسم "ثورة 1920".

كان هناك أكثر من سبب لهذا السخط الشعبي، منها:
- تشكيل اللجنة الصهيونية برئاسة حاييم وايزمن (1918)؛ للمساعدة في تطبيق وعد بلفور؛ فقد أخذت هذه اللجنة تدلي بكثير من التصريحات الاستفزازية؛ ما كشف عن الأطماع الصهيونية في فلسطين.
- محاباة البريطانيين للصهاينة على حساب العرب، وذلك في كافة المجالات، مثل: جعل العبرية لغة رسمية في فلسطين.
- أسباب اجتماعية، من ضمنها وضع الفلاحين الفلسطينيين تحت وطأة الضرائب، "كان على الفلاح أن يدفع 6 جنيهات في السنة من دخلة الذي يبلغ 26 جنيهاً"؛ وفي نفس الوقت وقع الفلاح فريسة للمرابين؛ لرفض الحكومة البريطانية إنشاء مصرف زراعي لإقراض الفلاحين العرب.
- تقلد البريطانيون والصهاينة الوظائف الكبرى في البلاد، وتركوا الوظائف الدنيا للعرب.
- سياسة التعليم البريطانية.
- منع السلطات البريطانية عقد المؤتمر الفلسطيني.
- ونمو الحركة الثورية في مصر والسودان وسوريا ولبنان والعراق والمغرب.

بعد وقوع عدد من المظاهرات في جميع أنحاء فلسطين، أصدرت سلطات الانتداب أمراً في 11/3/1920 يقضى بمنع المظاهرات بمختلف أشكالها.

في 4/4/1920 وقع صدام بعد أن منعت الشرطة أهل الخليل من دخول القدس للاحتفال بموسم النبي موسى؛ وكان أهل القدس وأهل نابلس قد خرجوا لاستقبالهم؛ وشارك المسيحيون في الاستقبال حسب العادة المتبعة؛ فاقتحم أبناء الخليل باب الخليل في القدس بالقوة؛ ومن على شرفة النادي العربي بدأ الخطباء بإلقاء الكلمات الحماسية؛ ومنهم موسى كاظم الحسيني، وخليل بيدس، وعارف العارف، والحاج أمين الحسيني؛ ما أثار الشعور القومي.

تسلل صهيوني اسمه "كريمربن مندل" وحاول خطف العلم وتمزيقه؛ فانقض الناس عليه وقتلوه؛ ثم تقدم صهيوني آخر مع عدد من الجنود لخطف العلم؛ لكن رجلاً من الحشد قتلة بسيفه.

بعد ذلك اجتمع الشبان اليهود والجنود الإنجليز، وهاجموا العرب المحتفلين بالموسم؛ فنشبت معركة حامية سقط فيها 9 قتلى و122 جريحاً من الطرفين.

وقد فجرت هذه المعركة الصراع الذي استمر حتى يوم 8/4/1920؛ حيث حاصرت القوات البريطانية القدس.  وقد ذكر بلاغ بريطاني أن حصيلة هذه الأيام كانت مقتل 4 من العرب و9 من اليهود و2500 جريحاً من الطرفين.

ورغم إعلان الأحكام العرفية وحظر التجول؛ إلا أن المقاومة استمرت حتى 10/4؛ حيث أصدرت سلطات الانتداب أحكاماً بالسجن ضد 23 شخصا،ً من بينهم: عارف العارف، وأمين الحسيني، اللذين تمكنا من الفرار إلى شرقي الأردن؛  كما أقالت موسى كاظم الحسيني من رئاسة بلدية القدس، وعينت راغب النشاشيبي مكانه.

بعد ذلك تم تكليف لجنة "بالين" بالتحقيق الذي كانت نيتجته: "أن الهجوم كان كله ضد اليهود"؛ لكن اللجنة أقرت بأن "المواطنين يشعرون بالظلم".

واتصفت ثورة 1920 بما يلي:
1. كانت أول تجربة للمقاومة ضد الاستعمار والصهيونية التي اتخذت شكلاً جماهيرياً.
2. انتقال الوعي إلى المقاومة.
3. القوى التي قامت بالثورة لم تكن منظمة.
لهذه الأسباب وصفت تارة بأنها ثورة؛ وبأنها انتفاضة، تارة أخرى.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال