القطع غير المرشد لأشجار الغابات.. الاعتماد على موارد الغابات كمصدر رئيسي للطاقة وأخشاب البناء

القطع المرشد يعني قطع الأشجار للاستفادة منها في الأغراض الدنيوية بالقدر الذي يتساوى في أقصى تقدير مع مقدرة الأشجار علي التجديد.
ما زاد عن ذلك فهو قطع جائر وغير مرشد. لقد ظل السودان منذ القدم وطيلة سنوات القرن معتمداً على موارد الغابات كمصدر رئيسي للطاقة وأخشاب البناء إذ ظل معدماً من موارد الطاقة الإحفورية التي اكتشفت قبل بداية الثلث الأخير من القرن.
تعتبر المدن الثلاث ومدن وقرى الجزيرة المروية من أكبر المناطق المستهلكة للأخشاب في البلاد فمن جملة 16 مليون متراً مكعباً تقطع وتستهلك سنوياً تستحوذ المدن الثلاث والجزيرة المروية علي 31% منها.
وإذ يحصل سكان الريف علي 82% من احتياجاتهم بالتحطيب المباشر نجد سكان المدن يعتمدون علي الحركة التجارية لإمدادهم باحتياجاتهم.
وهنا تكمن الخطورة للقطع الجائر في موارد الغابات بتدخل القطاع التجاري الساعي للربح لتلبية احتياجات أهل المدن.
وتبدو قساوة الضغوط الواقعة علي موارد الغابات في أن نشاط القطاع التجاري يتركز في منطقة السافنا قليلة الأمطار في السهول الوسطى  التي يؤخذ منها 59% من إجمالي الأخشاب المقطوعة في البلاد ومنطقة شبه الصحراء الفقيرة أصلاً ويؤخذ منها 38% وتصبح قساوة هذه الأرقام أكثر إيلاماً إذا علمنا أن منطقة الصحراء التي تكاد أن تكون عارية من الحياة النباتية يؤخذ منها 2% ومنطقة السافنا غزيرة الأمطار المكتظة بالغابات الكثيفة 1% فقط علماً بأن جملة الكمية المستهلكة والبالغة 16 مليون متراً مكعباً في السنة تزيد عن القطع المسموح به في السودان الشمالي (شمال خط العرض 10ْ) بمقدار 5 مليون متراً مكعباً.
كان الناس وحتى منتصف القرن في القرى والمدن يحصلون علي احتياجاتهم من الأخشاب مباشرة من الغابات المحيطة بهم وكان أقصى مدى لا يتعدى 5 ‪-‬ 10 كيلومتراً فقد كان من المألوف مشاهدة الجمال والحمير المحملة بالحطب تجوب حواري المدن الثلاث. مع ازدياد أعداد السكان بدأت الغابات في الانحسار حول المدن والقرى وبعدت.
أصبحت احتياجات المدن الثلاث من الحطب تأتي من مسافات تزيد عن 100 كيلومتراً وإمدادات الفحم من مسافات تزيد عن 500 كيلومتراً (البنك الدولي 1986). يفيد (‪Badi, 1999a‬) أن المدن الثلاث تتحصل علي 38- 50% من احتياجاتها من شمال أعالي النيل قبل نهاية القرن.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال