مؤشر سياسة التوازن الخارجي.. نسبة العجز أو الفائض في الحساب الجاري في ميزان المدفوعات إلى الناتج المحلي الإجمالي

عادة ما يتم اللجوء إلى استخدام نسبة العجز الخارجي كمؤشر  يعبر عن سياسة التوازن الخارجي، ويقاس هذا المؤشر باستخدام نسبة العجز أو الفائض في الحساب الجاري في ميزان المدفوعات إلى الناتج المحلي الإجمالي، والذي لا يعكس حصيلة المعاملات الخارجية في الميزان التجاري للصادرات والواردات فحسب بل يعكس أيضا حصيلة موقف ميزان الخدمات والذي يشتمل على التحويلات والفوائد والأرباح والتوزيعات.

وتعد هذه النسبة أحد أهم مؤشرات الاستقرار الاقتصادي الكلي واتجاهها نحو الانخفاض يشير إلى نجاح السياسات  في تحقيق هدف لاستقرار الاقتصادي. وتوضح الأدبيات المتخصصة أن العبرة فيما يتعلق بهذا المؤشر تكمن في عدم قابلية العجز للاستمرار، وأنه لا توجد قاعدة جامدة تبين حجم العجز الذي يمكن تحمله.

وكما هو معروف فإن هنالك تقابلاً كاملاً بين العجز الخارجي والعجز  الداخلي وتعتمد إدارة العجز الخارجي اعتماداً حرجاً على أسعار الصرف على اعتبار أن انخفاض سعر الصرف يؤدي إلى زيادة الصادرات وانخفاض الواردات.

فقد تلجأ الحكومة إلى تخفيض قيمه عملتها الوطنية لعلاج العجز في ميزان المدفوعات، غير أن هذا التخفيض سيترك أثاراً سلبية في المناخ الاستثماري، حيث إن ارتفاع معدلاته ستضعف الثقة في العملة الوطنية وقد تؤدي إلى اللجوء إلى الدولرة وما يتبع ذلك من ارتفاع في تكلفة المشروعات، وانخفاض ربحيتها بسبب ارتفاع أسعار الواردات.

ويزداد هذا الأثر السلبي على المناخ الاستثماري كلما زادت حاجة المشروع إلى الواردات الرأسمالية والسلع الوسيطة.

وفي المقابل قد لا يؤدي انخفاض قيمة العملة إلى زيادة الصادرات زيادة كبيرة، إذا لم تتح لها فرص النفاذ إلى السوق الخارجية، وإذا لم تكن السلع القابلة للتصدير على درجة كبيرة من الجودة والانخفاض في السعر كي تستطيع المنافسة.

كما تؤدي تقلبات أسعار الصرف إلى صعوبة أجراء دراسات جدوى دقيقة، وقد تعرض المستثمر لخسائر كبيرة وغير متوقعة، وهو مما يفسد المناخ الاستثماري.

وفيما يتعلق بالدول العربية فقد ساعد التحسن في عجز موازين الخدمات والدخل والتحويلات لمجموع الدول العربية في العام 2001 في تخفيف أثر التراجع الذي حدث في فائض الموازين التجارية للدول العربية مقارنة بمستواه في العام 2000 وفي ضوء ذلك أسفرت موازين الحسابات الخارجية الجارية للدول العربية عن فائض يقدر بنحو 47.4 مليار دولار.

ورغم أن هذا الفائض يمثل انخفاضاً قدره 27.1 % بالمقارنة مع مبلغ الفائض الجاري الكبير الذي تحقق في العام 2000 إلا أنه يعادل مع ذلك أكثر من ستة أمثال الفائض المحقق في العام 1999 وأكثر من أربعة أمثال متوسط الفائض السنوي للعامين 1996 و1997.

ويشير ذلك إلى أن أوضاع الحسابات الخارجية الجارية لمجموع الدول العربية، قد تعزز كثيراً بعد التدهور الحاد الذي تعرضت له في العام 1998 والربع الأول من العام 1999 أثر انهيار أسعار النفط الدولية.

وكنسبة من الناتج المحلي الإجمالي للعام 2001  بلغ فائض موازين الحسابات الجارية لمجموع الدول العربية نحو 7.6 % وذلك مقارنة بـ 10.0 % في العام 2000 و1.3 % في العام 1999 ووفقاً للبيانات المتاحة، تحققت أعلى نسبة لفائض ميزان الحساب الجاري للناتج المحلي في العام 2001 في الكويت، وذلك للعام الثاني على التوالي، حيث بلغت تلك النسبة 26.1%.

كما بلغت نسبة الفائض في الحساب الجاري للناتج المحلي الإجمالي 10.8 % في ليبيا و7.8 % في السعودية و5.2 % في اليمن و1.4 في البحرين.

ومن الناحية الأخرى  تحولت نسبة فائض ميزان الحساب الجاري للناتج المحلي الإجمالي للعام 2000 إلى نسبة عجز طفيف للعام 2001 في الأردن، كما بقيت نسبة عجز الحساب الجاري للناتج المحلي الإجمالي للعام 2001 في حدودها نفسها في تونس، وانخفضت نسبة العجز بشكل طفيف في مصر والسودان.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال